الفلسطينيون في إسرائيل، 1977
Map Details
وجد الفلسطينيون الذين بقوا في المنطقة التي أصبحت تعرف بإسرائيل في عام 1948، أنفسهم قد تحولوا فوراً إلى أقلية عرقية تحت حكم أجنبي، يجردهم من كافة أشكال البنية الاقتصادية والسياسية وينكر عليهم هويتهم الوطنية. مع نهاية الحرب، بقي حوالي 90.000 فلسطيني في منطقتي الجليل الأوسط والغربي، وحوالي 31.000 فلسطينيا في منطقة تعرف باسم "المثلث الصغير" (الذي يحد الجهة الشمالية الغربية من الضفة الغربية)، و 13.000 فلسطيني آخر في منطقة النقب. كما كان 10.000 – 12.000 فلسطينيا يقيمون في المدن "المختلطة" سابقاً: عكا، وحيفا، ويافا. وباستثناء مدينة الناصرة الجليلية (16.800 فلسطيني) وأم الفحم في منطقة "المثلث الصغير" (5.000 فلسطيني)، كانت التجمعات الفلسطينية المتبقية عبارة عن ضياع قرى صغيرة. بلغت نسبة المسلمين بين السكان العرب الباقين حوالي 70%، مقابل 21% مسيحيين و 9% من الدروز.
كان قادة الدولة اليهودية يرون في وجود أقلية غير يهودية بنسبة 12.5% من إجمالي السكان تهديداً للدولة – من حيث الضرورات الصهيونية القاضية بوجود أمة يهودية خالية من أية مجموعات عرقية ومن حيث "التشكك في ولاء" الفلسطينيين خاصةً في ظل الصراع الإقليمي. بعد أربعة أيام من إعلان إسرائيل لاستقلالها في 15 أيار 1948، أصدرت الحكومة المؤقتة "قوانين الدفاع الطارئة"، استندت في جوهرها إلى قوانين الانتداب البريطاني التي فرضتها بريطانيا لإخماد ثورة 1936 – 1939. وقد مهدت هذه القوانين الطريق لإقامة إدارة قانونية مزدوجة وضعت الفلسطينيين تحت الحكم العسكري حتى عام 1966. وتمثلت أولى التوجيهات التي صدرت للحكام العسكريين في إخلاء "القرى شبه المهجورة".
لم تكن الحكومة العسكرية أداة للسيطرة المادية وحسب، وإنما استخدمت أيضاً للمواجهة والقضاء على أية جهود فلسطينية لتحسين وضعهم المشتت والمعزول – كمجتمع فلسطيني مقابل حكومة ومجتمع يهوديين. تم إصدار حوالي 170 أمر عسكري، تحد من الحقوق الأساسية للفلسطينيين من حيث التملك والسفر والنشاط السياسي وحرية التعبير. وقد وصف مستشار الشؤون العربية الإسرائيلي الفلسطينيين في إسرائيل بأنهم " أعداء دائمون"، واتفق القادة العسكريين على "وجوب فحصهم، وتسيير دوريات في مناطقهم، والإشراف عليهم."
غذت النظرة الإسرائيلية للفلسطينيين على أنهم "خطر ديموغرافي" النزعة للاستيطان والسيطرة على المناطق ذات الشخصية "غير اليهودية". ومع حلول عام 1966، الذي تم فيه إلغاء الحكومة العسكرية، كان قد تم تأسيس 35 مستوطنة يهودية بحتة بعد عام 1948 في منطقة الجليل وأكثر من 100 مستوطنة يهودية أخرى في منطقة النقب. كما كانت هناك خطط لإقامة المزيد من تلك المستوطنات، في الوقت الذي لم تعترف فيه إسرائيل بأكثر من 100 قرية فلسطينية، تحت ذريعة تصنيفها "مناطق غير سكنية"، الأمر الذي تسبب في حرمانهم من البنية التحتية الأساسية والتطور. "إعادة التنظيم" كانت تعني إقامة البلدات اليهودية على أراضي القرى غير المعترف بها، مع الحرص على تمتعها بأولوية في خطط التنمية اليهودية.
صادرت إسرائيل ما لا يقل عن 80% من أراضي الأقلية الفلسطينية في غضون أربعة عقود من حرب 1948. ومع حلول منتصف السبعينيات من القرن الماضي، كان حوالي 533.800 فلسطيني يشكلون 15.3% من سكان إسرائيل، ويمثلهم في الكنيست الإسرائيلي أربعة نواب من غير اليهود من أصل 120 نائباً. كما بلغ معدل الأمية بين النساء الفلسطينيات حوالي 60%؛ وكانت نسبة الطلاب الفلسطينيين الذين التحقوا بمؤسسات التعليم العالي أقل من 3%. لقد أسرع التمييز المستمر، على الصعيد القانوني وفرض الأمر الواقع، والخسائر شبه الكاملة لأراضيهم جنباً إلى جنب مع تعزيز هويتهم الفلسطينية عقب حرب 1967 من ظهور "نضال مدني" منظم للمطالبة بحقوقهم وتحقيق المساواة.
في عام 1976، تم الإعلان عن إضراب شامل بين الجماهير العربية بسبب إعلان إسرائيل عن عزمها على "توطين الجليل باليهود" من أجل "حماية أرض الوطن"، وشروعها في تصعيد عملية مصادرة الأراضي. في 30 آذار 1976، قادت عشرات من اللجان والهيئات السياسية العربية مسيرة احتجاجية شعبية ضد سياسة مصادرة الأراضي في الجليل. عندما حاولت القوات الإسرائيلية فرض منع التجول من أجل قمع المحتجين، اندلعت مواجهات سقط خلالها ستة فلسطينيين. ومنذ ذلك الحين، أصبح يحتفل بهذا اليوم "يوم الأرض" سنوياً من أجل تخليد ذكرى الذين سقطوا وتعزيز نضال الأقلية الفلسطينية المضطهدة ضد مصادرة الأراضي، والتمييز، والتهميش.