خطة كندل، 1966
Map Details
لم تتح أية فرصة فعلية لتطور القدس الشرقية باعتبارها منطقة صغيرة خالية جزئياً من السكان وغير متطورة، بعد حرب 1948-1949 وتقسيم المدينة. لقد أجبرت العوامل الاجتماعية والاقتصادية السكان الفلسطينيين، على الرحيل شرقاً إلى الأردن والمناطق المحيطة بها بحثاً عن فرص عمل أفضل، هذا بالإضافة إلى انعدام التنمية كلياً في الأحياء الفلسطينية التي تحيط بالبلدة القديمة، مما ترك المدينة الخاضعة للسيطرة الأردنية بحاجة ماسة لخطة لإعادة إحياء المدينة. إلا أن الحكومة الأردنية لم تصادق على تلك الخطة إلا في عام 1966، عندما أصبح تآكل النسيج الاقتصادي للمدينة في غاية الخطورة.
عمل المخطط البريطاني هنري كندل في المدينة خلال حقبة الانتداب، وقام بإعداد خطة شاملة للمدينة في عام 1944. وكان يتم النظر إلى هذه الخطة باعتبارها خطة تطوير عادلة ومعقولة لكل من الشطر الشرقي والغربي من البلدة القديمة. لقد نصت خطه كندل للعام 1944 على إقامة منشآت حديثة على طول الخطوط الصناعية والمدنية المستندة للخطوط الرئيسية المتجهة غرباً نحو السهل الساحلي وكذلك تلك المتجهة شمالاً – جنوباً لخدمة الأسواق والقرى الفلسطينية للمنطقة التي ستصبح الضفة الغربية. ولم يكتب لهذه الخطة (خطة عام 1944) التنفيذ، ومع اندلاع حرب عام 1947-1949، لم تعد الرؤية الداعية إلى إقامة مدينة متطورة موحدة ومتكاملة مناسبة.
في عام 1964، قام كندل بإعداد خطة تهدف إلى إنقاذ القدس الشرقية العربية المتهالكة. وهذه الخطة التي تم تبنيها من قبل الحكومة الأردنية فقط عام 1966، أقرت الحاجة إلى توسيع حدود المدينة لتضم الأحياء والقرى النامية التي تقع على طول طريق رام الله/ نابلس (شمالا) وبيت لحم/ الخليل (جنوباً)، وكذلك القرى التي تقع شرقي المدينة مباشرة، والتي يمر عبرها الطريق الذي يربط المدينة بعمان. ووضعت خطة كندل برنامج تطوير حضري منفصل خاص بالتجمعات السكانية الواقعة بين بيت لحم ورام الله، مع البلدة القديمة والمنطقة البلدية الموجودة في مركزها. كما اقترح كندل في خطته إنشاء مناطق صناعية وتجارية، بحيث يتم توزيعها على نحو يخلق نمو اقتصادي، فيما لم يتم التعدي على البلدة القديمة، أو المناطق المحيطة بها ولا على الأراضي الموجودة التي تشكل عماد الاقتصاد الزراعي للقرى البعيدة.
وضعت خطط لإنشاء حوالي 30.000 وحدة سكنية إضافية، مع المحافظة على المناطق الأساسية داخل وحول المدينة للنمو اللاحق أو حمايتها كأحراج أو احتياطي طبيعي.1 ومع وضع المطار ضمن حدود المدينة في الشمال، بالإضافة إلى طوق من المناطق الصناعية، لم تدعم خطة كندل الحياة الاقتصادية الواهنة في المدينة فقط، بل أيضاً أعادتها إلى وضعها الصحيح والتاريخي كمحور للحياة الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين. لقد امتد التطوير المباشر والفوري حتى حدود المدينة لضم مواقع مدن بيت لحم ورام الله ضمن نطاق التطوير المتوقع. وبهذا الإطار، أخذت الخطة على عاتقها خلق قاعدة تنموية فلسطينية متكاملة ومتماسكة لكامل الضفة الغربية. في الحقيقة، وبينما ركزت الخطة على المركزية القائمة لعلاقة عمان بالجزء الشرقي، فإنها في نفس الوقت أبرزت الرؤية الفلسطينية المميزة لمستقبل القدس، بإقرارها لأهمية خطوط الاتصال مع العاصمة الأردنية، وأعادت اقتصاد مناطق الضفة الغربية وبنيتها التحتية لتنسجم مع تطوير العاصمة الفلسطينية.
تبنت الحكومة الأردنية خطة كندل عشية الغزو الإسرائيلي للمدينة واحتلالها لكامل الضفة الغربية، الأمر الذي أدى إلى الوقف الفوري لهذه الخطة. ومع التوسيع الأحادي الجانب وغير القانوني للمدينة المحتلة في عام 1967، فرضت إسرائيل رؤية مختلفة تماماً للمدينة على المواطنين الفلسطينيين وسكان القرى المجاورة، وسلبتهم من كل أمل في خطة 1966، وبدلاً من ذلك، تم الشروع بتنفيذ برنامج مصادرة أراض واستيطان، مما ضاعف بشكل حاد الظروف التي لا يمكن تحملها والتي سعت خطة كندل لتصويبها.