فلسطین في العهد العثماني، ١٨٧٨
Map Details
يقدر التعداد السكاني في فلسطين في مطلع العهد العثماني عام 1878 ما مجموعه 440.850 نسمة، وكانوا يشكلون مجموعات عرقية تنتمي إلى مختلف طوائف الأديان السماوية الثلاثة، وقد حافظوا على استمرار وجودهم في البلاد بأحجام متفاوتة لفترة طويلة.
وقد شكل قرابة 386.320 مسلم فلسطيني عربي الغالبية العظمى (88%) من سكان فلسطين، التي خضعت لحكم إسلامي متواصل منذ عام 1187. ويتألف أولئك السكان من السُّنة (الغالبية العظمى) ونسبة محددة من الشيعة جنباً إلى جنب مع الدروز، وقد شكلت الزراعة المصدر الرئيسي للدخل في البلاد ومركز الحياة التقليدية.
كان يسكن فلسطين آنذاك 40.588 مسيحي فلسطيني عربي (9%)، وينتمون إلى طائفة الأرثوذكس اليونانيين (63%) والروم الكاثوليك (24%) جنباً إلى جنب مع أعداد من الأرمن، واليونانيين الكاثوليك، والبروتستانت، حيث تعود جذور العديد منهم إلى فجر المسيحية، وكانت غالبيتهم، وليس جميعهم، تسكن في مدن الناصرة، والقدس، وبيت لحم، ويافا بأعداد كبيرة.
كما كان هناك حوالي 13.942 يهودياً (3%) يعيشون بشكل أساسي في تجمعات حضرية، ويتمركزون في مدن صفد، والقدس، والخليل، وطبريا. وكان اقتصادهم قائماً تماماً في معظمه على الإعانات والحوالات المالية التي يتلقونها من التجمعات اليهودية في الخارج.
علاوة على هذه القطاعات الثلاث الرئيسة، كان هناك حوالي (200) عضو من الطائفة السامرية القديمة يقيمون على أطراف مدينة نابلس وعدد ضئيل من الغجر، الذين كانوا بمثابة خليط من معتنقي الديانتين المسيحية واليهودية.
وقبل ظهور الصهيونية السياسية، كان السكان اليهود يتألفون بشكل أساسي من طائفة اليهود الأرثوذكس الذين لم تكن لهم أية أجندة سياسية. لكن ومع حلول عام 1878، كانت التوجهات الصهيونية تتبلور نحو موقف مغاير من أرض فلسطين. وكان العديد من الممولين الأوروبيين، وأبرزهم موسى مونتيفيوري المقيم في لندن في ذلك الحين، يتفاوضون مع مسئولين عثمانيين لشراء أراضي وإقامة مستوطنات عليها. علاوة على ذلك، سعى أعضاء التجمعات المقيمة إلى تبني أسلوب حياة يغلب عليه الطابع الإنتاجي، يمكنهم من التوقف عن الاعتماد على ما يوزعه عليهم رؤساء التجمعات من المساعدات التي يتلقونها من الخارج. تكريساً لذلك، قامت 26 عائلة يهودية مقدسية في عام 1878 (بقيادة يوئيل سلمون، الذي أسس أول مستوطنة يهودية خارج أسوار مدينة القدس في عام 1869) بشراء قطعة أرض تبعد 9 كم عن يافا وتقع على ضفاف نهر العوجا (الذي يعرف الآن باسم نهر اليركون).
ومع إطلاقهم على الموقع اسم أول مستوطنة "بيتح تكفا" (مفتاح الأمل)، شرع المستعمرون في زراعة الأرض، التي كانت جزءاً من مراعي قرية العباسية العربية، الأمر الذي تسبب في احتكاكات واشتباكات مع العرب، ولا يعود ذلك إلى مسألة تواجدهم في تلك الأراضي، بل لعدم معرفتهم بالتقاليد والعادات الريفية السارية، وبشكل خاص فيما يتعلق بحدود وعادات الرعي المفتوح. ولأسباب عديدة أخرى كان الفشل حليف المستعمرين الأوائل في "بيتح تكفا"، حيث اضطروا للعودة إلى القدس في السنة التالية بعد أن أضعفتهم أمراض الملاريا، وعدم معرفتهم بأساليب الزراعة، وأخيراً، الفيضان. وقد تم تأسيس مستوطنة ثانية على مقربة من الموقع في عام 1882، ويضم الآن بلدة كبيرة.