خطة فك الارتباط الإسرائيلية، 2003 – 2005
Map Details
"اختطف" رئيس الوزراء الإسرائيلي، ارئيل شارون، مبادرة جنيف من خلال إعلان قراره أحادي الجانب لفك الارتباط مع قطاع غزة وجزء صغير من شمال الضفة الغربية مع توضحيه عدم نية إسرائيل التنازل عن القدس وما تبقى من الضفة الغربية وذلك في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2003 خلال ثلاثة أشهر قبل نشر مبادرة جنيف.
صورت خطة فك الارتباط الإسرائيلية إخلاء 8,692 مستوطناً من 21 مستوطنة في غزة و582 مستوطناً من أربع مستوطنات في منطقة جنين في الضفة الغربية بالإضافة لكل المنشآت العسكرية الدائمة المخصصة في المنطقة، ووفقاً للنص الرسمي هدفت خطة فك الارتباط إلى "تحسين الواقع القائم" والذي "لا يوجد فيه شريك فلسطيني يمكن تحصل تقدم معه" بالإضافة إلى الهدف الرئيسي وهو تطوير الوضع الأمني الإسرائيلي، وسيكون فك الارتباط دائماً بما يخص قطاع غزة وبالتالي ستتوقف عن كونها "منطقة محتلة" وسيخرج الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة من المسؤولية الإسرائيلية، وعلى الرغم من ذلك ستستمر سيطرة إسرائيل على جيش وسماء وبحر وحدود والمعبر الحدودية لقطاع غزة بالإضافة إلى مدى واسع من الشؤون الإدارية من ضمنها الضرائب والجمارك وتسجيل السكان و"توفير الكهرباء والوقود والغاز والأدوية والبضائع والماء بالإضافة إلى دخول وخروج الناس والبضائع من وإلى القطاع" ، بالإضافة لذلك احتفظت إسرائيل بالحق بالرد على التهديدات القادمة من قطاع غزة والضفة الغربية من خلال عمليات عسكرية في تلك المناطق ومن ضمنها إجراءات "وقائية".
انتقد المستوطنون واليمين السياسي الصهيوني داخل إسرائيل عملية "فك الارتباط" بشكل كبير حيث عارضوا الانسحاب من أراضي اعتباراها يهودية! وكان قد صوت أعضاء حزب اللكود وهو حزب رئيس الوزراء شارون ضد الخطة من خلال استفتاء غير ملزم في أيار (مايو) 2004 ، واعتبر اليسار الإسرائيلي خطة فك الارتباط "طريقة لتشويه عملية السلام والتركيز على واقع تأسيس الحدود في الضفة الغربية من خلال المستوطنات وبناء الجدار" ، وبالرغم من ذلك فقد استطاع شارون في حزيران (يونيو) 2004 الحصول على دعم مجلس الوزراء لنسخة معدلة من الخطة والتي وافق عليها الكنيست في شهر تشرين (أكتوبر) من تلك السنة ، وبعد فترة قصيرة من تمرير الكنيست ل"قانون تطبيق خطة فك الارتباط" في شباط (فبراير) 2005 صوت مجلس الوزراء الإسرائيلي على تطبيق الخطة ، وبالرغم من عدة حوادث بسيطة جرى الانسحاب الفعلي بسلاسة عندما بدأت إسرائيل بإخراج المستوطنين يوم 15 آب (أغسطس) 2005 حتى 23 آب (أغسطس) عندما انتهى الانسحاب من شمال الضفة الغربية، وانسحبت آخر القوات من قطاع غزة يوم 12 أيلول (سبتمبر) 2005.
حققت خطة فك الارتباط "نجاحاً إعلامياً" لشارون وإسرائيل وذلك كونها جاءت في وقت تصاعدت فيه الانتقادات الدولية حول بناء جدار الفصل، والاقتصاد الإسرائيلي بعد الانتفاضة الثانية، والعدد المتزايد للضحايا المدنية والعسكرية بسبب الصراع القائم مع الفلسطينيين والذي "رفع من تكاليف الوجود العسكري المكثف في قطاع غزة." في بدايات نيسان (أبريل) 2004 أعطى الرئيس الأمريكي بوش موافقته على خطة فك الارتباط من خلال رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون واصفاُ إياها "بمبادرة جريئة وتاريخية ستقدم الكثير لعملية للسلام في المنطقة" ، وتعطي الرسالة إسرائيل التزامات شاملة وتضمن وجودها كدولة يهودية وذلك من خلال "الوعد" بعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى دولة إسرائيل ، وبنفس الطريقة مدحت اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط فك الارتباط واعتبارها مع خارطة الطريق عام 2003 "كخطوة ممكنة نحو تحقيق رؤية الدولتين" مع الأخذ بعين الاعتبار أن اللحنة شددت على امتناع الطرفين عن القيام بأي "خطوات أحادية الجانب" ، ومن المثير للدهشة عدم رؤية اللجنة الرباعية أن خطة فك الارتباط نفسها تعتبر خطوة أحادية الجانب تعمد إلى طرح خارطة الطريق جانباً وتؤجل إلى ما لا نهاية رؤية اللحنة الرباعية للدولة الفلسطينية، وكما شرح المستشار الأعلى لرئيس الوزراء شارون بأن خطة فك الارتباط تهدف إلى "تجميد عملية السلام […] وعندما تجمد تلك العملية فإنك تمنع بناء الدولة الفلسطينية وتمنع الخوض في مسائل اللاجئين والحدود والقدس ، وبشكل مشابه قدم رئيس الوزراء شارون خطة فك الارتباط في مقابلة حيث وصفها "بضربة للفلسطينيين وستجبرهم على التخلي عن طموحاتهم ]بدولة مستقلة[ لسنوات عديدة قادمة" ، وفي الواقع ضمنت خطة الارتباط فوز إسرائيل بدعم عالمي "توسيع بناء المستوطنات في الضفة الغربية مقابل "ترك" غزة وتهديد إمكانية اقامة دولة فلسطينية قابلة للنمو.
في بادئ الأمر تفاءل العديد من الفلسطينيين من ضمنهم الرئيس محمود عباس بخصوص خطة فك الارتباط آملين بقدرتها على انتاج فرص جديدة لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ، ولكن اكتشف الفلسطينيون وبعد تطبيق خطة فك الارتباط بأن الوضع لم يتحسن، واستمر منع وحرمان المواطنين الفلسطينيين عن حقوقهم الإنسانية ومن ضمنها "حق حرية الحركة وحق الحياة العائلية وحق الصحة وحق التعليم والعمل" ، وبعدم التزام إسرائيل بأي مسؤولية اتجاه الفلسطينيين المقيميين في غزة فقد أصبحوا "مطوقين بسجن بشكل فعّال" حيث أصبحوا أسوء بكل المعايير: الجسدية والعاطفية والاقتصادية".