القدس الشرقية العربية ضمن "القدس الكبرى"، 2000
Map Details
كما يلاحظ، لا تشكل مساحة بلدية القدس البالغة 126 كم مربع الرؤية الإسرائيلية الكاملة للمدينة، وإنما مرحلة "مؤقتة" في مسيرة طويلة الأمد ترمي إلى إقامة ما يعرف باسم "القدس الكبرى". لقد طرحت بلدية القدس الغربية هذه الفكرة في عام 1967، حيث اعتبرت نفسها نواة لإقامة "أكبر مدينة يهودية في العالم ... من حيث عدد السكان وإعطاء طابع يهودي دائم لكامل المدينة". وتدعوا الفكرة إلى إقامة مدينة واسعة ومضمومة بشكل كبير تأوي أكبر عدد ممكن من اليهود وأقل عدد ممكن من الفلسطينيين. يشار إلى أن هذا المصطلح قد ورد في خطة ألون الأصلية لعام 1967 (راجع الخريطة 19)، والتي دافعت عن خلق قطاع مضموم واسع، يمتد "من شمالي محور حركة السير الواقع بين القدس والبحر الميت ]منطقة أدوميم حاليا[، ويرتبط مع ... منطقة اللطرون ]بين القدس الغربية وتل أبيب[". تم توضيح هذا التعريف الموسع في الخطوط العريضة للاستيطان والتي تبنتها حكومة العمل عام 1973 وأعدها إسرائيل جاليلي، حيث قرر "زيادة عدد سكان القدس وتطويرها صناعيا ... إلى خارج المنطقة المحددة في الأمر العسكري رقم 1 ]حدود بلدية القدس[". ونصت وثيقة جاليلي على "ضرورة السعي للحصول على أراضي إضافية في شرق وجنوب المدينة".
ومجاراة لمعظم المخططات الاستيطانية الإسرائيلية السابقة، تجنبت وثائق السياسة الأساسية التطرق لنقاط محددة في توصياتها من أجل إتاحة هامش من المرونة للسياسيين والاستراتيجيين العسكريين. لقد تم ببساطة اختيار المواقع المناسبة من قبل وزارة الدفاع ولجنة الاستيطان وبدأت مهمة خلق "القدس الكبرى" على الأرض. يذكر أن الحكومة الإسرائيلية قامت عام 1983 بترسيم الحدود الأولية "للقدس الكبرى" بالتفصيل. هذه الخطة، امتدت إلى ما بعد رام الله شمالا، ووصلت إلى أريحا شرقا، وبيت شيمش واللطرون غربا وبيت لحم جنوبا. وتم الأخذ بالحسبان، في التعامل مع المنطقة المحددة الكبيرة التي تم اعتبارها مركزاً لخلق أغلبية يهودية على المدى البعيد، المتطلبات المسبقة لضم "القدس الكبرى" بشكل نهائي إلى إسرائيل. وبين الأعوام 1983-1992، كان 71% من جميع المستوطنات التي تم إنشاؤها على الأرض الفلسطينية المحتلة موجودة في هذه المنطقة.
في عام 1993، كلف رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين فريق جديد من المخططين والاقتصاديين الحكوميين بإعادة ترسيم حدود "القدس الكبرى"، وقد جاءت هذه الخطوة استجابة للتحديات التي تواجه أهداف القدس الإسرائيلية والتي فرضتها "المفاوضات السياسية" الجارية. عملت الخطة على تعديل وتقليص المساحة الأصلية إلى 260 كم2 تقريبا، مع ترك رام الله وبيت لحم خارج الحدود، لكنها تبعت إلى حد ما التخطيطات الشرقية- الغربية المطروحة في الخطة السابقة. وارتبط إقرار خطط "القدس الكبرى" لعام 1993 مرة أخرى بالاستثمارات القوية بخصوص فرض سيطرة يهودية على المدينة. لقد تم ترخيص إنشاء "حي" استيطاني جديد يتكون من 1,950 وحدة سكنية فوراً لدعم موقع معاليه أدوميم، بالإضافة إلى شبكة من الطرق والأنفاق التي خطط لها أن تربط هذا الموقع بجفعات زئيف في الجزء الشمالي الغربي (تبلور هذا المشروع الثاني ضمن خطة التطوير E1 – راجع الخريطة 61). في الجنوب، تم الشروع بشق طريق التفافي من الأنفاق والجسور بتكلفة 42 مليون دولار أمريكي، يربط مستوطنات "الحلقة الداخلية" المؤلفة من جيلو وتالبيوت الشرقية مع مستوطنات كتلة عصيون الأربعة عشرة. المساحة التقديرية لرؤية حكومة العمل 1993 "للقدس الكبرى" مبينة على الخريطة المقابلة. وإذا ما اعتبارنا أن هذه المنطقة ترسم حدود "القدس الكبرى"، فإن إسرائيل تكون بذلك قد نجحت في خلق أغلبية يهودية فيها، وأن لم يكن بشكل محدد، وحتى بحلول العام 1992 – عندما تم تقدير عدد المقيمين في تلك المنطقة بحوالي 445.800 يهودي و400.000 فلسطيني.
في عام 1997، ركزت حكومة بنيامين ناتنياهو الليكودية على خطة "القدس الكبرى" بقوة، وذلك بغية الحصول على تأييد القوى المتشددة التي لم يرق لها إدارة تلك الحكومة لبروتوكول الخليل الموقع في شهر كانون الثاني 1997. وبعد شهر من إعادة الانتشار الجزئية في الخليل، أعلن بنيامين ناتنياهو عن "بدأ المعركة على القدس"، حيث بدأت عملية تسوية الأرض في موقع مستوطنة جبل أبو غنيم (هار حوما) التي تأخر العمل فيها. وكجزء من الخطة الأوسع لضم حوالي 60% من الضفة الغربية، قدم للحكومة خطة جديدة بخصوص "القدس الكبرى". وقد تم النظر إلى الخطة الجديدة على أنها عودة إلى الخطوط القصوى لعام 1983، بحيث تصل المستوطنات إلى خارج حدود عام 1993، بما في ذلك بيت ايل وبسجوت شمال شرق رام الله. بالإضافة إلى خلق نقاط ضم مستقبلية موسعة، أوجدت الخطة – بشكل أولي وفي السر – "بلدية مظلة" لمنطقة "القدس الكبرى"، أوكل إليها "دمج المستوطنات الموجودة في الشرق، والشمال والجنوب، خصوصاً النواحي المتعلقة بالتخطيط والإنشاء". فعلياً، كانت خطة "المظلة" فقط خطة لتسهيل آليات العمل القائمة، والتي تم توجيهها منذ زمن طويل بأهداف مماثلة. يذكر أن محاولة تكريس وحدة فعلية على الأرض بين سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي وسلطاتها البلدية قد أثارت غضب واستنكار مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي دفع السلطات الإسرائيلية إلى العمل تحت غطاء جديد من السرية التامة. على الرغم من ذلك، قبيل منتصف العام 1998، كانت بوادر تحقيق تلك الخطة واضحة. لقد تمت المصادقة على منطقة صناعية جديدة في "العاصمة" من قبل بلدية القدس الغربية قرب قرية الزعيم، إلى الغرب من الخطة E1 الضخمة، لكن خارج الحدود البلدية؛ وأظهرت الخطط الرئيسية الجديدة لمستوطنات النبي يعقوب (داخل حدود البلدية) وآدم (خارج حدود البلدية) نمواً مستقبلياً واسعاً يهدف إلى توحيد المدينتين بشكل تام.
مع حلول العام 2002، أصبح ما يزيد على 76.000 مستوطن يقيمون داخل منطقة "القدس الكبرى" المحددة بشكل نسبي، والواقعة خارج الحدود البلدية للقدس الشرقية، واستقر حوالي 10.000 تقريباً من هؤلاء في تلك المنطقة منذ عام 1998 . وتهدف الخطط الحالية إلى مضاعفة عدد الوحدات السكنية في المنطقة. وعندما تسلم أيهود براك منصبه العام 1999، جعل النسخة الأخيرة من خطة "القدس الكبرى" نقطة انطلاق في المفاوضات. عليه، فقد تم تبني خطة "القدس الكبرى" الموسعة لعام 1997 حسب التعريف الإسرائيلي للمدينة لأغراض مفاوضات الوضع الدائم مع الفلسطينيين.