الحدود البلدية للقدس، 1947-2000
Map Details
عند انتهاء الانتداب البريطاني، كانت مساحة بلدية القدس تبلغ 19.2 كم2. وبعد قرار التقسيم عام 1947، قامت بلدية القدس (الغربية) الإسرائيلية بتوسيع حدودها "البلدية" من تلك المساحة البالغة 16.26 كم2 نحو الغرب. بعد هذا التوسيع، بلغت مساحة القدس الغربية 38 كم2، واشتملت على معظم الأحياء اليهودية الحديثة والعديد من القرى الفلسطينية المفرغة من سكانها الواقعة على التلال المحيطة. ومن الشرق، حيث البلدية العربية، امتدت القدس الشرقية عام 1952 لمساحة 2.2 كم2 إلى القرى والأحياء المجاورة لتصبح مساحتها الإجمالية 6 كم2. فيما لم يتم إطلاقاً تنفيذ الخطط الأخرى لتوسيع حدود مدينة القدس باتجاه الأحياء الشمالية، حيث تركزت أكثر التجمعات السكانية ازدحاماً. (راجع الخريطة 54).
وفي أعقاب حرب حزيران عام 1967، أعادت إسرائيل ترسيم حدود "بلدية القدس" على نحو دراماتيكي قبل أن تقوم بابتلاع كامل المنطقة التي تم ضمها ضمن دولة إسرائيل، دون أي اعتبار للموقف الدولي منتهكة بشكل سافر كافة القوانين الدولية التي "تحظر الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة". وفي 30 تموز 1980، أي بعد 13 عام على احتلال المدينة، تم ضم مدينة القدس الشرقية رسمياً إلى إسرائيل، حيث أقر الكنيست الإسرائيلي حدود بلدية القدس الموسعة بشكل غير قانوني وأعلن عن كامل المنطقة جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل. لقد ابتلعت الحدود البلدية الجديدة مساحة 64 كم2 إضافية من أراضي الضفة الغربية، وهي أراضي تابعة إلى 28 قرية فلسطينية وأجزاء واسعة من المناطق التابعة لبلدية رام الله، والبيرة وبيت لحم. لكن، خلال ترسيم هذه الخطوط، تعمدت اللجنة الإسرائيلية استثناء الأراضي الفلسطينية المأهولة بالسكان بغية خفض الوزن الديمغرافي للسكان "غير اليهود" في المدينة. لقد تم توجيه الحدود الجديدة بدافع الرغبة في السيطرة على قمم التلال الرئيسية المتقدمة، وخطوط المواصلات والأودية؛ حيث عمدت إسرائيل عبر قراراتها إلى "عدم شمل الكثير من السكان العرب في المنطقة المضمومة، وشمل المناطق المفتوحة لتطوير المستوطنات اليهودية المجاورة".
يشار إلى أن المنطقة التي جرى التوسع فيها - وهي تزيد على عشرة أضعاف مساحة القدس الشرقية قبل عام 1967 – تضم فقط 22.000 فلسطيني. بالإضافة إلى 44.000 فلسطيني كانوا يقيمون في 10% من المنطقة المضمومة التي تقع ضمن حدود بلدية القدس الشرقية قبل عام 1967. لقد جعل التوسع في "الضم" إلى أن يصبح إجمالي مساحة بلدية القدس (الشرقية والغربية) 108كم2. وبعد عمليات التهجير التي شهدتها البلدة القديمة (راجع الخريطة رقم 50)، أصبحت نسبة السكان اليهود في هذه المنطقة 74.2% مقابل 25.8% من الفلسطينيين حيث يقيم ما مجموعة 266.300 نسمة داخل حدود المدينة .
لمواجهة معدل النمو العالي بين المواطنين الفلسطينيين، والمحافظة على أغلبية "يهودية" في المدينة، ركزت السياسة الإسرائيلية حول القدس على الإنشاء السريع للمستوطنات في المنطقة الشرقية المضمومة واستيعاب أكبر عدد ممكن من المهاجرين اليهود في المدينة. وبين السنوات 1967 و 1985، تمت إقامة عشرة تجمعات استيطانية سكانية على أراضي مصادرة في القدس الشرقية. وبحلول العام 1983، أصبح ما يزيد على 50.000 يهودي يقيمون في مستوطنات القدس الشرقية؛ ووصل عدد السكان اليهود في القدس إلى 328.000 يهودي مع حلول العام 1985 . على الرغم من ذلك، فإن معدل النمو السكاني الفلسطيني العالي واجه ديموغرافية المستوطنين، حتى أن معدلات نمو اليهود إلى العرب عام 1985 كشفت عن وجود تراجع طفيف في الأغلبية النسبية لليهود (71.6%:28.4%).
في عام 1985، ومرة أخرى في عام 1993، تمت إعادة ترسيم حدود المدينة بهدف السيطرة التامة على هذا الاتجاه الديموغرافي. لكن التوسع اتجه نحو الغرب هذه المرة بحوالي 0.5 كم مربع عام 1985 وحوالي 17.9 كم مربع عام 1993 – حيث أصبحت مساحة بلدية القدس الحالية 126.4 كم2. وتشكل أراضي الضفة الغربية المضمومة خارج حدود بلدية القدس الشرقية قبل عـام 1967 حوالي 51% من هذه المساحة. وبينما تشكل مساحة بلدية القدس الشرقية الأصلية والقدس الغربية قبل عام 1967 حوالي 5% و30% على التوالي من تلك المساحة، كانت إسرائيل قد ضمت المساحة المتبقية (14%) إلى القدس الغربية منذ عام 1985.
خلال معظم سنوات الثمانينيات، كان معدل النمو السكاني اليهودي في المدينة يأخذ اتجاهاً سلبياً، ونادراً ما تجاوز مستوى 1.3% سنوياً خلال حقبة التسعينيات، في حين ظل معدل النمو الفلسطيني يفوق ذلك المعدل بحوالي ثلاثة أضعاف. وبتوسيع المدينة نحو الغرب لتضم الضواحي اليهودية التابعة، تمكنت إسرائيل فقط من إبطاء التآكل الطبيعي الحتمي لغالبيتها الديموغرافية. وبحلول عام 1998، شكل سكان المدينة البالغ عددهم 633.700 نسمة، إلى 68.4% يهود و 31.6% فلسطينيين؛ حيث كان معدل النمو اليهودي 1% سنويا، بينما معدل النمو الفلسطيني 3.5%. لقد شكل هذا العامل الطبيعي، أكثر من أي شيء آخر، الحافز لبرنامج الاستيطان الإسرائيلي الواسع في القدس الشرقية ووجه سياستها العنصرية التي تهدف إلى تشجيع، وحتى إجبار الفلسطينيين على الهجرة من المدينة.