ملكية الأراضي: الفلسطينية والصهيونية حسب اللواء، 1945
Map Details
شكل امتلاك الأراضي والهجرة الهدفين الرئيسيين للحركة الصهيونية منذ نشأتها، بالإضافة إلى أنهما حددا طبيعة الانتداب البريطاني في فلسطين والعلاقات اليهودية – العربية أكثر من أي عامل آخر.
مع بداية الاحتلال العسكري البريطاني في عام 1918، كان اليهود يملكون حوالي 2% من أراضي فلسطين البالغة مساحتها حوالي 6.500.000 (فدان). ومع حلول عام 1944، كانت نسبة السكان اليهود قد ارتفعت من 8% إلى 31% من مجموع السكان، بينما ازدادت الممتلكات الفعلية الصهيونية (التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية) بمعدل ثلاثة أضعاف. وأنيطت بالوكالة اليهودية مهمة استملاك الأراضي في عام 1929، حيث سارت هذه العملية بشكل منتظم وفقاً للهدف القاضي بالسيطرة على أكبر مساحة متواصلة ممكنة من الأراضي الزراعية ووضعها تحت تصرف اليهود بشكل حصري. وخلال سنوات العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، أخذت هذه العمليات تتسع في منطقة الجليل لتضم أكبر مساحة من الأراضي الزراعية اليهودية في فلسطين (ما يعرف بوادي جرزيل) ، وقد تمت هذه العمليات من خلال الأساليب العدائية و"السمسرة" الخبيثة التي اتبعها تاجر الأراضي الصهيوني يهوشع خانكن ومرة أخرى، كان المزارعون مستأجري الأراضي وصغار مالكي الأراضي ضحية هذه العمليات، في الوقت الذي كان فيه كبار مالكي الأراضي غالباً ما يسكنون في الخارج ويسعون لجمع مبالغ طائلة في فترة تدهور الاقتصاد الزراعي وارتفاع استثنائي في قيمة الأرض. لقد كان الحفاظ على المستوطنات الزراعية الصهيونية وتوسيعها أحد الأهداف الأساسية للمنظمة الصهيونية العالمية؛ ولذلك، فإن الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي كانا مضطرين لتمويل المزارع الصهيونية التي كانت القيمة الفعلية لإنتاجها ضئيلة ولا تكاد تذكر.
خلال الفترة الممتدة من عام 1920 إلى 1945، سجلت دائرة تسجيل أراضي الانتداب 584.191 صفقة نقل ملكية، حيث ارتفعت مساحة الممتلكات اليهودية إلى 1.7 مليون دونم. كما أشارت "لجنة العمالة" البريطانية التي تشكلت في عام 1944 إلى أن ما لا يقل عن 47.000 مواطن عربي تركوا مواقعهم كقوى عاملة زراعية خلال السنوات الخمسة السابقة. ومع حلول عام 1946، أشارت سلطات الانتداب إلى أن "اليهود يمتلكون أكثر من 15% من الأراضي الزراعية في فلسطين. ومع حلول عام 1931، جرى تجريد نسبة كبيرة من الفلسطينيين من ممتلكاتهم على يد الوكالة اليهودية، وبشكل خاص في المناطق الزراعية في الشمال، الأمر الذي اضطر سلطات الانتداب البريطانية على تشكيل "لجنة تنمية" تولت مهمة تسجيل "العرب الذين لا يملكون أية أراضي" وإعداد "خطة لتوطينهم". إلا أنه سرعان ما تم التخلي عن مشروع التوطين، الذي لم يحظى بأي ترحاب. باءت المحاولات البريطانية في أوائل الأربعينيات للحد من سرعة ونطاق التأثير الصهيوني عديمة الجدوى؛ بسبب التحايل أو التغاضي المتكرر عن قوانين نقل الملكية. وقد وصف أحد المعلقين الدور الذي لعبته بريطانيا في تلك الفترة بأنه كدور "حكم يحاول عبثاً وضع قوانين جديدة للعبة نقل ملكية الأراضي، والتي أخذت تتفاقم مع مرور الوقت، وأصبحت تأخذ بشكل متزايد منحنى وغير قابل للسيطرة."
رغم الضغوط والخسائر الكبيرة التي لحقت بالفلسطينيين، إلا أنهم حافظوا على سيطرتهم على غالبية أراضي القطاع الزراعي في فلسطين؛ بالإضافة إلى أن الغالبية العظمى من كبار وصغار المزارعين نجحوا في حماية أراضيهم. (كما تبين الخريطة)، لم يمتلك اليهود كثيراً من الأراضي في أي من الألوية البالغة عددها (16) لواءً أيام الانتداب، كما أن الملكية اليهودية كانت بحدود 5% أو أقل في نصف هذه الألوية. لكن سرعة وسهولة تمكن اليهود من وضع موطئ قدم في قلب الأراضي الزراعية الفلسطينية ستبقى على الدوام شاهدةً على فشل بريطانيا في تحقيق العديد مما أرادته من بنود الانتداب.
كان يفترض أن يحترم وينفذ المسئولون البريطانيون وثيقة الانتداب التي تلزم بالتحقق من عدم وقوع "أي تمييز من أي نوع بين سكان فلسطين على أرضية العرق، أو الدين أو اللغة". في عام 1944، وبالرغم من ذلك، فقد تبنى حزب العمال البريطاني قراراً مؤيداً "لترحيل السكان" من فلسطين، وجاء فيه "وجوب تشجيع العرب على الخروج من أراضيهم مع تشجيع اليهود إلى الحلول محلهم" . وفي تموز من نفس العام، قاد كليمنت أتلي حزب العمال البريطاني نحو النصر في الانتخابات البريطانية العامة.