ملكية الأراضي في فلسطين وخطة التقسيم القرى الفلسطينية المهجرة والمدمرة، 1948-1949
Map Details
كانت عملية طرد الفلسطينيين من بيوتهم ووطنهم تجري وفقاً للخطط العملية التي وضعتها العصابات الصهيونية المسلحة الهجانا، وبموجب الأوامر الصادرة من أعلى مستويات القيادة الصهيونية. وبذلك، فإن الجرائم، والمذابح، وعمليات الاغتصاب، والسلب، والتدمير التي تميزت بها فترة تفريغ فلسطين سكانيا، كانت جميعها عناصر استراتيجية عسكرية تم تصميمها وتنفيذها على يد قادة الدولة اليهودية الناشئة.
تمثلت أحد أهداف هذه الاستراتيجية التي تم بذل مساعي حثيثة لتحقيقها في إزالة كافة الآثار الدالة على وجود فلسطيني قبل عام 1947. فمن بين حوالي 600 قرية وبلدة فلسطينية تماماً كان قد تم تدميرها على يد الصهاينة خلال الحرب، تم في وقت لاحق إعادة تدمير أو تهجير سكان 400 منها. في بداية الحرب، كان الهدف من تدمير القرى يتمثل في نشر الذعر، والخوف، وبالتالي الهرب. لكن، ومع تسارع خطى "الترحيل"، انتقل تركيز الصهاينة إلى إحكام احتلالهم. في أوائل حزيران 1948، أعدت "لجنة الترحيل" مذكرة بعنوان،" ترحيل بأثر رجعي، خطة لحل قضية العرب داخل دولة إسرائيل". وقد حددت هذه الوثيقة، التي حظيت بمصادقة رئيس وزراء إسرائيل بن غوريون، وسائل " لمنع العرب من العودة إلى أماكنهم"، ونصت على طريقة أساسية لتحقيق هذا الهدف من خلال "تدمير أكبر قدر ممكن من القرى ..." جنباً إلى جنب مع "توطين اليهود في عدد من القرى والبلدات بحيث لا يتم خلق أي فراغ".
ابتداء من صيف عام 1948، شرعت "لجنة الترحيل" في تحديد القرى التي سيتم تدميرها وتلك التي سيتم توطين اليهود فيها لأسباب استراتيجية. ولم يسلم من التدمير سوى 121 موقع فقط. في أثناء ذلك، وفيما يتعلق بالضواحي الحضرية الفلسطينية، أسرعت اللجنة إلى توطين اليهود في المنازل الفلسطينية التي لم يتم تدميرها. وبذلك، تم الاستيلاء على 73.000 غرفة و 7.800 محل تجاري أو ورش صناعية متوسطة في ما كان يعرف "بالأحياء العربية" داخل المدن الفلسطينية المختلطة.
استمر تدمير القرى الفلسطينية بشدة طوال فترة وقف إطلاق النار، وامتد حتى نهاية الخمسينيات. وخلال السنوات الخمسة التي تلت نهاية حرب 1948، سجلت إسرائيل حوالي 1.000 حالة "تسلل من الحدود" شهرياً، حيث كان اللاجئون الفلسطينيون يحاولون العودة إلى بيوتهم والبحث عن مفقودين من أفراد عائلاتهم. عندئذ، أصبح التدمير الإسرائيلي للقرى المتبقية مدعماً بالرغبة في محو أية آثار تدل على الهوية الفلسطينية. من خلال قيامهم بإزالة كافة المعالم البارزة للشعب الفلسطيني – من بيوت وأماكن عبادة، وغيرها – كان الإسرائيليون يأملون أن يمكنهم ذلك من مواجهة كافة الدعاوي المنادية بتطبيق حق العودة اللاجئين الفلسطينيين وأن يعرض سيطرتهم المفاجئة على المنطقة باعتبارها ظاهرياً أمر "عضوي" ودون أي تعارض. كما سعوا أيضاً إلى إخفاء أي دليل على الفظاعات التي اقترفتها أيديهم.
في وقت لاحق، أشار حاييم وايزمن، الذي اعتبر قائد صهيوني محنك وأصبح أول رئيس لإسرائيل، إلى الإبادة التي تعرض لها الفلسطينيون، وتجمعاتهم، وبيوتهم باعتبارها " تنظيف خارق للأرض وتسهيل خارق لمهمة إسرائيل."
كان في فلسطين 279 مستوطنة يهودية عند صدور خطة التقسيم عن الأمم المتحدة (في 29 تشرين الثاني 1947). ومع حلول شهر آب من عام 1949، كانت 133 مستوطنة إضافية قد أنشأت – وجميعها تقريباً على أراضي فلسطينية أو ضمن القرى الفلسطينية التي وضعت "لجنة الترحيل" يدها عليها لأغراض توطين اليهود. هذا وقد تمكنت الحكومة الإسرائيلية من إقامة حوالي 190 مستوطنة، وكيبوتس، وموشاف إسرائيلي على أراض القرى الفلسطينية المدمرة والمهجرة بحلول العام 1987.