الحركات السكانية، 1948 - 1951
Map Details
مع حلول عام 1949، تم اقتلاع 90% من الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون في المنطقة من بيوتهم، التي أصبحت تعرف لاحقاً بإسرائيل. كما تم سلب وتهجير 750.000 فلسطيني، اضطر غالبيتهم للجوء إلى مناطق تخضع للسيطرة الأردنية أو المصرية، بالإضافة إلى سوريا ولبنان. في المقابل، في حين وصل إلى إسرائيل خلال سنتين ونصف تلت 684.000 يهودي، أي أكثر من ضعف عدد السكان اليهود قبل حرب عام 1948.
طوال الشهور الست الأولى من الحرب (كانون الأول 1947 – أيار 1948)، بقي البريطانيون مسئولون بشكل مطلق عن القانون والنظام في فلسطين. وخلال نفس الفترة، تحولت ميليشيا الهجانا التابعة للوكالة اليهودية، التي كانت تربطها بالبريطانيين "اتفاقية شرف"، من ميليشيا قوية مؤلفة من سرية عسكرية واحده إلى جيش ضخم مؤلف من 10 سرايا عسكرية، ووحدات مدفعية، وقوات مدرعة، وقوة جوية صغيرة. خلال هذه الفترة، تم تهجير أكثر من نصف مجموع اللاجئين خلال الحرب. لكن، وبينما وصفت السلطات البريطانية اعتداءات الهجانا بأنها "اعتداء على الحضارة"، إلا أنها لم تفعل أي شيء للتدخل لوقفها.
استمر الجدل التاريخي لفترة طويلة حول موقف القيادة الصهيونية "الرسمي" مقابل "الانتهازي" من طرد السكان الفلسطينيين خلال الحرب. لكن ومع الكشف عن عدد من الوثائق الحيوية في سنوات الثمانينيات، أصبح وجود نية صهيونية مبيتة – قبل عام 1947 وخلال الحرب - لطرد أعداد كبيرة من الفلسطينيين غير قابلة للتفنيد.
كان الحرفيون من مراكز المدن أول من اضطر للفرار، تاركين وراءهم بيوتهم وأعمالهم على أمل العودة في وقت لاحق، وقد وصف اليهود الهجوم على يافا في كانون أول 1947، والذي تبعه إزالة أحياء بكاملها، بأنه "درس للتجمعات الريفية" ، ومع حلول آذار 1948، أدت الهجمات على قرى السهل الساحلي إلى هجرات جماعية من الريف، ومع وصول أخبار أول مذبحة وعمليات الطرد الجماعي – التي بدأت في دير ياسين بتاريخ 9 نيسان – أخذت موجات التهجير 0تتسارع، بينما سعى القرويون إلى اللجوء إلى المناطق الجبلية أو الدول العربية المجاورة. وعقب الانسحاب البريطاني أخذ اليهود، الذين يسيطرون على غالبية الأراضي،إلى بذل جهود حثيثة لطرد بقية السكان المتبقين. في 9 تموز 1948، انتهكت القوات الإسرائيلية أول هدنة في الحرب، حيث قامت خلال الأيام الأربع التي تلت ذلك التاريخ بطرد 33.000 فلسطيني من اللد والرملة، بعد اقتراف مذابح بحق المئات في واحدة من أكثر "عمليات" الحرب قبحاً ووحشية. وقد شكلت "عملية داني"، التي قادها موشيه ديان واسحاق رابين، مثالاً على أنماط الترويع والطرد التي تكررت في مختلف أرجاء المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية حتى بعد بدء مباحثات الهدنة. ولم تنتهي عمليات الطرد العسكرية الإسرائيلية واسعة النطاق إلا في صيف عام 1950، بعد ترحيل 2.500 فلسطيني إلى غزة ممن كانوا قد بقوا أو لجأوا إلى المجدل. بقي حوالي 150.000 فلسطيني في منطقة الدولة اليهودية بعد الحرب، وكانوا يتمركزون في منطقة الناصرة "والمثلث الصغير" المحاذي لشمال الضفة الغربية – والذي يضم قرى وأراض محيطة بثلاثة بلدات فلسطينية، هي أم الفحم، والخضيرة، وكفر قرع. وقد كان العديد بينهم من اللاجئين "المشردين في الداخل" الذي حرموا من العودة إلى بيوتهم. وخلال الفترة الممتدة من عام 1948 إلى 1966، خضع هؤلاء إلى "قوانين الطوارئ" الإسرائيلية، التي حدت بشكل كبير من حقوقهم المدنية.
في 11 كانون الأول 1948، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 194، الذي يؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض. وبعد مرور سنة على ذلك، ومع رفض إسرائيل تحمل أية مسئولية عن تهجير سكان فلسطين، تأسست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) لغرض تزويد اللاجئين المشردين والمعدمين بمعونات إنسانية ومأوى. ومع حلول عام 1950، كان حوالي 914.221 لاجئ فلسطيني قد سجلوا في سجلات الأونروا، وتم خلال السنوات التي تلت إنشاء 58 مخيم لاجئين في مختلف أرجاء المنطقة.
في أثناء ذلك، لم تضيع إسرائيل أي وقت في توطين موجات ضخمة من المهاجرين اليهود على أرض فلسطينية وفي بيوت فلسطينيين. وقد كان قرابة نصف هؤلاء المهاجرين لاجئين يقيمون سابقاً في مخيمات "الأشخاص المشردين" في أوروبا. أما البقية، فكانوا من الذين قد تم تشجيعهم للقدوم كجزء من حملة الدولة اليهودية الجديدة "للتجمع في المنفى" و "تخليص الأرض". وخلال الفترة الممتدة من عام 1948 إلى 1953، كانت 350 مستوطنة من أصل 370 مستوطنة جديدة قد أقيمت على الأراضي التي يمتلكها اللاجئون الفلسطينيون. أما في المدن، فكان حوالي ثلث مهاجري تلك الفترة قد وطنوا في ممتلكات الفلسطينيين. ومع حلول عام 1954، كان حوالي ثلث سكان إسرائيل يعيشون في أو على ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين.