ديموغرافية فلسطين، 1931
Map Details
في عام 1931، أجرى البريطانيون التعداد الثاني للسكان في فلسطين المنتدبة. وفي هذه الأيام، يعتبر هذا التعداد واحداً من أكثر تعدادات تلك الفترة دقة، حيث ألقى القائمون على التعداد الضوء على عدد من الخصائص الهامة والاتجاهات الآخذة في التطور.
وفقاً لنتائج ذك اتعداد، كان في فلسطين 759,712 مسلم يشكلون 73% من إجمالي السكان (الذين بلغوا في تلك الفترة 1,035,821 نسمة) مقابل 174,610 يهودي يشكلون 16.9% من السكان و 91,398 مسيحي يشكلون قرابة 8.6% من مجموع السكان. يتضح من مقارنة بيانات هذا التعداد مع نتائج التعداد السكاني للعام 1922 أن فترة الثلاثينيات شهدت حراكاً متزايداً نحو المدن بين السكان المسلمين الذين استمر الطابع الريفي يسيطر عليهم رغم ذلك الحراك. وينبطق الأمر ذاته على السكان المسيحيين الذين كانوا يتحركون بأعداد كبيرة نحو مراكز مدن يافا وحيفا؛ لكن الطابع الحاضري كان يغلب عليه أكثر مما كان عليه بين القطاع المسلم. وكان من آثار الأنشطة الاستعمارية الصهيونية أن ازدادت أعداد الصهاينة العاملين في الزراعة، على الرغم من أن الطابع الحضري استمر يغلب على التجمعات اليهودية بالكامل.
عكست طبيعة الإنتاج الزراعي سيطرة 63% من المسلمين العاملين في الزراعة على هذا القطاع الاقتصادي، حيث كان إنتاج المزارعين العرب يشكل 86% - 97% من مختلف المحاصيل الزراعية. وقد كان المسلمون (الذين شكلوا 88% من مجموع سكان الريف) والمسيحيون ( إلى درجة أقل) يزرعون حوالي 4 ملايين دونم من محاصيل الحبوب، و 120,000 دونم من البطيخ، وحوالي 600,000 دونم من الزيتون، و 293,000 دونم من الخضراوات جنباً إلى جنب مع كروم العنب، وحقول الموز، والتبغ. كما كانوا يربون حوالي مليون رأس من الماشية.
بينما كان المسلمون يسيطرون على القطاع الزراعي الريفي، بدا أن المسيحيين سلكوا منهجاً مغايراً، حيث كان أكثر من 60% من بينهم يعمبون في الصناعة، والتجارة، والمهن الحرة، والخدمات العامة. وقد بلغت نسبة التحول الكبير إلى التجمعات الحضرية من إجمالي عدد السكان العرب حوالي 47% من إجمالي معدل النمو السكاني العربي في المناطق الحضرية منذ عام 1922، مقابل معدل نمو سنوي نحو الريف بنسبة 32%.
تضاعف عدد السكان اليهود أكثر من مرة منذ عام 1922. وبشكل عام، كان حوالي 58% من السكان اليهود في عام 1931 ولودين خارج فلسطين – غالبيتهم (80,347) من مواليد أوروبا. كما كان أكثر من 74,000 منهم غير حاصلين على المواطنة واستمروا يحملون جنسيات أجنبية. وقد انعكس التعليم الأوروبي والرفاهية النسبية للتجمعات اليهودية على معدلات إتقان القراءة والكتابة (72%) مقابل 48% و10% بين التجمعات االمسيحية والإسلامية، على التوالي. وقد تمركز حوالي ثلثي السكان اليهود الحضر في مدن القدس، ويافا، وحيفا، وتل أبيب. رغم أن اليهود شكلوا في ذلك الوقت 16.9% من مجموع السكان، إلا أنهم كانوا يشكلون 33% من مجموع سكان المدن في فلسطين.
ازداد زخم الاتجاهات الديموغرافية والاقتصادية التي كشف التعداد لنقاب عنها في السنوات التالية، حيث نجم عنها تغيرات دائمة في التركيبة الاجتماعية. ومع حلول عام 1931، أدت السياسة البريطانية إلى زيادة كبيرة في الاستثمارات الرأسمالية داخل قطاعات معينة، وكان من شأنها أن أحدثت نخبة حضرية جديدة في المجتمع الفلسطيني. فالنى التحتية الحديثة كانت تشيد بخطى متسارعة، بينما كانت الغضوط المالية التي فرضتها الأنشطة الصهيونية المتسارعة على ملاك الأراضي تقوض التسلسلات الهرمية الاجتماعية التقليدية. وكان من الواضح أن المزارع الفلسطيني (المستأجر ل{الضفة الغربية التي يزرعها) قد أصبح الخاسر الأكبر في تلك الحقبة، التي أطلق عليها حقبة إعادة التوزيع الاقتصادي. في عام 1920، أشار السير جون هوب سمبسون، الذي كان يرأس لجنة تحقيق حول قضايا الهجرة، والأرض، والاستيطان إلى أنه "لا توجد أية حقوق إشغال للأرض" تصب في صالح المستأجرين العرب،" وعبر عن اعتقاده بأنه، مع سيطرة الصهاينة على أكثر من مليون دونم من الأراضي الزراعية الفلسطينة، "لم يعد هناك أي متسع لمستوطنة إضافية واحدة، إذا كان لمعايير حياة الفلاحين العرب أن تبقى على مستوياتها الحالية".