قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، 1947 حرب عام 1948 وخطوط الهدنة للعام 1949
Map Details
في أوائل عام 1947، أعلنت بريطانيا عن إحالة قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، حيث صرح مندوبها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيار من نفس العام "لقد حاولنا لسنوات إيجاد حل للقضية ... وها نحن الآن نرفعها إلى الأمم المتحدة التي نأمل أن تنجح حيث لم يكتب لنا النجاح." في نفس اليوم، تم تشكيل لجنة خاصة حول فلسطين مؤلفة من 11 عضواً، من أجل دراسة القضية الفلسطينية وإعداد مقترحات لحلها. وهذه كانت اللجنة الحادية عشرة (11) من سلسلة لجان التحقيق الرسمية التي تم تشكيلها منذ عام 1919 وهي اللجنة التاسعة عشرة من سلسلة هيئات التحقيق التي أرسلت إلى حكومة الانتداب خلال 25 سنة.
وصل أعضاء اللجنة إلى فلسطين في حزيران 1947، وشرعوا في جمع معلومات والاستماع إلى شهادات حتى تموز، وانتهوا من إعداد تقريرهم مع نهاية شهر تموز. وفي أيلول من نفس العام، تم تأسيس ما عرف باللجنة المؤقتة من أجل دراسة مقترحين لخطتين. دعت الخطة الأولى إلى تقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، مع وضع القدس وضواحيها كنظام خاص تحت إدارة دولية منفصلة (Corpus Separatum). وقد حظيت هذه الخطة بدعم غالبية أعضاء اللجنة الدولية الخاصة حول فلسطين. أما الخطة الثانية، التي كانت على منوال خطة موريسون – جرادي (راجع الخريطة رقم 10)، فقد حظيت بدعم أقلية أعضاء اللجنة. وفي سياق دراستها للخطة التي حظيت بدعم الأغلبية، توصلت اللجنة المؤقتة إلى استنتاجات متناقضة. فبالأرقام الحقيقية، منحت هذه الخطة لليهود إقامة دولة يهودية على 56.47% من أرض فلسطين، تاركة 42.88% من الأراضي للفلسطينيين ومنطقة مساحتها 0.65% تحت إدارة دولية. في الدولة اليهودية المقترحة، تم تقدير عدد السكان بحوالي 498.000 يهودي (من إجمالي عدد السكان البالغ 905.000) مقابل 407.000 عربي. إلا أن اكتشاف اللجنة المؤقتة خطأ يتعلق بإغفال السكان البدو، أضاف 105.000 عربي إلى إجمالي عدد السكان، الأمر الذي جعل اليهود أقلية وجعل أكثر من نصف مليون عربي من السكان الأصليين في وضع أقلية . كما نصت الخطة على بقاء 10.000 يهودي فقط في الدولة العربية بين 725.000 عربي، أما في منطقة القدس، فسيكون هناك حوالي 100.000 يهودي و 105.000 عربي (راجع الخريطة رقم 52). لقد منحت الخطة لليهود جميع أو 10 من 16 لواء، يشكل اليهود أقلية في 9 ألوية منها. وقد أشار أحد تقارير اللجنة المؤقتة إلى أن المقترح منح لواء بئر السبع لليهود، مشيراً إلى "أنه من الغريب أن تقوم غالبية أعضاء اللجنة الدولية (كلجنة الأمم المتحدة الخاصة حول فلسطين) بإصدار توصية لتحويل أرض عربية بالكامل ووضع سكانها تحت سيطرة اليهود الذين يشكلون أقل من 1% من سكان تلك المنطقة بعكس رغبات ومصالح العرب الذين يشكلون 99% من السكان.
رغم ذلك، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة مقترح الأغلبية (التقسيم) بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947، على شكل قرار رقم 181 ويلخص المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي الظلم الذي ألحقه التقسيم بالفلسطينيين كما يلي: "إنهم (الفلسطينيون) لا يستطيعون أن يفهموا لما لم يكن من العدل لليهود أن يكونوا أقلية في دولة فلسطينية موحدة، بينما كان عدلاً أن يتم تحويل أكثر من نصف السكان الفلسطينيين – الذي يشكلون الأغلبية الأصلية المقيمة على أرض الأجداد – بين ليلة وضحاها إلى أقلية تحت حكم أجنبي." وقد صوتت جميع الدول الممثلة ضد الخطة، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت. وقد نص القرار 181 على فترة انتقالية لمدة شهرين تلي الانسحاب البريطاني، بينما تتولى لجنة دولية (منبثقة عن الأمم المتحدة) نقل السلطات. إلا أن ذلك لم يحدث أبداً.
في اليوم التالي لاعتماد الأمم المتحدة للقرار رقم 181، استدعت الهجانا جميع اليهود من سن 17 – 25 سنة. وفي الأسبوع الذي تلاه، شنت اعتداءاً على يافا (أرض حدودية عربية وفقاً لخطة التقسيم). وخلال الشهور الست التي سبقت الانسحاب البريطاني من فلسطين (14 أيار 1948)، تم إجبار 380.000 فلسطيني على ترك منازلهم، بينما شهدت دير ياسين (والتي شكلت جزء من المنطقة التابعة للإدارة الدولية) أفدح مذبحة في سلسلة المذابح التي اقترفها اليهود. وقد شكل الدعم البريطاني للقوات اليهودية، على صعيدي التدريب والمعدات، تعارضاً صارخاً مع الحظر المطلق لتسلح الفلسطينيين خلال فترة الانتداب. كنتيجة لذلك، أصبح هناك جيش واحد في فلسطين عند اندلاع الحرب، بينما ترك السكان الأصليين ليعتمدوا على التدخل الإقليمي الذي غلبت عليه دوافع عليا وتنافسية. عند انتهاء الانتداب البريطاني، كانت القوات الصهيونية تسيطر على 70% من فلسطين. ومع انتهاء الحرب، أصبحت قواتهم تحتل حوالي 78% من فلسطين، بما في ذلك نصف المنطقة التي كانت مخصصة للدولة العربية الصغيرة في قرار التقسيم. وأدت معارك عام 1948 إلى سيطرت الأردن على الجزء المتبقي من شرق فلسطين والذي يعرف باسم "الضفة الغربية" بما فيها القدس الشرقية، في حين سيطرت القوات المصرية على قطاع غزة.
مع حلول تشرين الثاني من عام 1948، تمكنت لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين من تحديد خطوط هدنة دائمة، حيث وقعت إسرائيل اتفاقيات هدنة مع مصر في شباط 1949، ومع لبنان في آذار من نفس العام، ومع الأردن وسوريا في نيسان وتموز من نفس العام، على التوالي. وقد تمخض عن اتفاقيات الهدنة أربع مناطق منزوعة السلاح وأربع مناطق غير تابعة لأي طرف (في القدس وعلى مقربة من دير اللطرون).
استمرت الجهود الدولية للتوصل إلى اتفاقيات سلام دائمة بين إسرائيل والدول العربية لفترة من الوقت، وانتهت جميعها بالفشل. في نيسان من عام 1949، التقت وفود من إسرائيل، والأردن، وسوريا، ولبنان، واللجنة العربية العليا في مؤتمر لوزان بسويسرا تحت رعاية لجنة المصالحة في فلسطين التابعة للأمم المتحدة. وقد انهارت هذه الجهود مع انسحاب إسرائيل من المؤتمر في منتصف الصيف. وقد اتسم موقف إسرائيل بالاستخفاف بهذه المحاولات: كتب أبا إيبان إلى بن غوريون قائلاً، "ليست هناك حاجة للسعي للسلام. الهدنة تكفي لنا. إذا سعينا للسلام، فإن العرب سيطلبون ثمناً لذلك – حدود أو لاجئين أو كليهما معاً. دعنا ننتظر لعدة سنوات."