الضفة الغربية اليوم، 2014
Map Details
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إمكانية تأييده لقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانب إسرائيل في حال اعترف الفلسطينيون بكون إسرائيل الوطن القومي لليهود. والتقى الرئيس الأمريكي أوباما بعد ثلاثة أشهر مع نتنياهو والرئيس محمود عباس ودعاهما إلى إحياء عملية المفاوضات. رغم أن كلا الطرفين أبديا رغبتهما باستئناف المفاوضات، إلا أن ذلك لم يحدث إلا بعد مرور سنة. بعد تشجعه لفوزه بجائزة نوبل للسلام عام 2009، حدد الرئيس أوباما الموعد النهائي لإبرام اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني شامل خلال سنة واحدة بعد بداية المفاوضات في أيلول (سبتمبر) 2010. ومع ذلك، انهارت المفاوضات في غضون شهر عندما وضعت القيادة الفلسطينية حداً للمحادثات بسبب رفض إسرائيل تجميد جزء من مستوطنة في الضفة الغربية كانت قد بدأت بتنفيذه قبل 10 أشهر. أعلن نتنياهو في تشرين الأول (أكتوبر) أن إسرائيل ستمدد التجميد فقط في حال اعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وهو أمر كانت السلطة الفلسطينية قد أوضحت أنها لم تكن على استعداد للقيام به. لذلك ليس من الغريب أن الرئيس محمود عباس قد رفض ذلك وبقيت طاولة المفاوضات فارغة، في حين استمرت عملية بناء المستوطنات.
أدان بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس واتفاقهما على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية في نيسان (أبريل) 2011، مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية يجب أن تختار ما بين تحقيق السلام مع إسرائيل أو تحقيق السلام مع حماس، لأن هدف حماس من وجهة نظر إسرائيل هو القضاء على دولة إسرائيل، الأمر الذي يجعل هذين الهدفين غير متوافقين. وصرح الرئيس محمود عباس في الشهر التالي أن الوحدة الوطنية الفلسطينية شرط مهم للتوصل إلى حل الدولتين، وأعلن أنه إذا بقي الطريق مسدوداً أمام المفاوضات، فإن السلطة الفلسطينية ستقدم طلباً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف الدولي بدولة فلسطين بعد مرور سنة واحدة على المهلة التي حددها أوباما. تقدم الرئيس محمود عباس بطلب عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) بعد أن رأى أن ملف المفاوضات قد أغلق. وبعد فشل المحاولة وعدم تحرك عملية السلام خلال العام التالي، تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب الانضمام وتم منحها وضع "دولة مراقبة غير عضو" في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 باعتراف 138 دولة بها!
بعد أول زيارة للرئيس الأمريكي أوباما لإسرائيل في آذار (مارس) 2013، عقد جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية سلسلة لقاءات بين الطرفين لإحياء عملية السلام، وبحلول تموز (يوليو) أقنع جون كيري كلا الجانبين باستئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق الوضع النهائي في غضون تسعة أشهر. وكان أحد أسباب نجاح المفاوضات تعهد الجهة الفلسطينية بوقف حملتها المتعلقة بالاعتراف الدولي بدولة فلسطين، فضلا عن اتفاق إسرائيلي بإطلاق سراح تدريجي ل 104 سجين فلسطيني على المدى الطويل . بدأت المحادثات الحقيقية في 14 آب (أغسطس). وفي كانون الثاني (يناير) 2014، عقب أشهر من المحادثات دون أية إشارة إلى اقتراب الأطراف من اتفاق سلام، دفع جون كيري كلا الجانبين للاتفاق في البداية على "إطار" مشترك لمحادثات الوضع النهائي. في أواخر مارس، رفضت إسرائيل الإفراج عن آخر 26 سجين فلسطيني ، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية يجب أن تتفق أولا على تمديد محادثات السلام بعد الموعد النهائي في 29 نيسان (ابريل) الماضي . وقام الرئيس محمود عباس بتسجيل عضوية فلسطين في 15 اتفاقية دولية. وأعلنت على أثرها إسرائيل على بناء أكثر من 700 مستوطنة في القدس الشرقية وفرضت عقوبات اقتصادية ضد السلطة الفلسطينية. رغم أنه كان من الواضح أن عملية السلام بقيادة جون كيري كانت متوقفة تماماً قبل هذا الوقت، إلا أن المفاوضات "الجانبية-المسار الثاني" كانت لا تزال جارية رسميا إلى أن علقتها إسرائيل في 24 إبريل (نيسان)، بعد يوم واحد من توقيع حركتي فتح وحماس اتفاقاً لتشكيل حكومة توافق وطني. وصرحت إسرائيل أنها لن تتفاوض مع حركة حماس واصفة إياها بأنها "منظمة إرهابية تدعو إلى تدمير إسرائيل." رغم أن الرئيس عباس أعلن في وقت لاحق أن حكومة التوافق الفلسطينية سوف تعترف بوجود إسرائيل وتنبذ العنف وتقبل جميع الاتفاقات السابقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، إلا أن إسرائيل استمرت على موقفها الرافض لذلك.
رغم أن إدارة أوباما قد اتهمت علناً كلا الجانبين بفشل محادثات السلام، إلا أن العديد من المسئولين الأمريكيين وبما في ذلك جون كيري قد أشاروا إلى أن التوسع الاستيطاني المستمر لإسرائيل هو المفسد الرئيسي لعملية السلام. خلال الأشهر التسعة الأولى من المحادثات، كانت إسرائيل قد طرحت عطاء بناء لحوالي 5,000 وحدة سكنية استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وروجت لما يقرب من 000،9 وحدة إضافية، في حين تم هدم أكثر من 500 عقار فلسطيني. إن هذه الإجراءات المتبعة هي جزء من عملية الاستعمار الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية من خلال إقامة "بؤر استيطانية" على الأرض الفلسطينية وبناء المستوطنات على تلك الأراضي، جنبا إلى جنب مع التدمير المتزامن للبيوت والمباني الفلسطينية. شرعت إسرائيل ببناء ما يقارب 7,500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية منذ عام 2009 وحتى عام 2013. رغم أن البناء قد انخفض بشكل ملحوظ من عام 2009 وحتى عام 2010، إلا أنه قد ارتفع مرة أخرى على مدى السنوات المقبلة، وارتفع إلى أكثر من الضعف ليصل إلى أكثر من 2،500 في عام 2013، مسجلا أعلى مجموع سنوي منذ أكثر من عقد من الزمان. استمر التوسع الاستيطاني في القدس الشرقية أيضا، كما ارتفعت عدد المناقصات للبناء الصادرة منذ 2012، لتصل إلى مستوى قياسي حيث بلغت أكثر من 2,500 مناقصة بناء خلال الأشهر التسعة الأولى من محادثات كيري للسلام. لذلك لم يكن من المفاجئ ازدياد عدد السكان المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية بشكل كبير على مر السنين، حيث كان عددهم ما يقارب (300,000) نسمة في فترة اتفاقية أوسلو ووصل إلى (560,000) نسمة في عام 2014. علاوة على ذلك، تم هدم ما يزيد عن 2,500 مبنى فلسطيني في المنطقة (ج) والقدس الشرقية بين عام 2009 وعام 2013 ، وشرد نتيجة ذلك أكثر من (4,300) فلسطيني. وسجل عام 2013 أعلى نسبة هدم للبيوت الفلسطينية، حيث تم هدم أكثر من 660 بيت و تم تشريد ما يزيد عن (1,100) فلسطيني وتصاعد التوتر في الضفة الغربية وخاصة منذ عام 2013 الذي شهد أعلى نسبة من الجرحى الفلسطينيين نتيجة العنف المرتبط بالصراع منذ عام 2005 ، وكان عدد حالات الوفيات الفلسطينية أكثر من تلك التي شهدتها السنتين السابقتين. أصبحت فرص حل الدولتين أصعب من أي وقت مضى بعد أن وصلت محادثات السلام إلى طريق مسدود منذ انهيار عملية جون كيري وتوسع الاستيطان الإسرائيلي.