جدار الفصل الإسرائيلي، 2002
Map Details
إن فكرة التقسيم والفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين ليست حديثة العهد ، بل تعود إلى عهد الانتداب البريطاني وتقرير لجنة اللورد بيل البريطانية لعام 1937 والذي اقترح "تقسيم" فلسطين وتهجير السكان من أجل استيعاب المهاجرين اليهود في فلسطين و إنهاء الصراع بين الحركة الصهيونية والشعب الفلسطيني. على مدى العقود اللاحقة، لم يكن هنالك أي فصل جغرافي وذلك بسبب "القناعات الصهيونية" بأن لليهود "حقاً تاريخياً" في كل فلسطين. رفض الفلسطينيون مشاريع ومقترحات "التقسيم" لأنه لن يؤدي إلا إلى خسارة أكبر لوطنهم. يطلق على اسحق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي من عام 1974 وحتى عام 1977 ولاحقا من عام 1992 وحتى اغتياله في عام 1995 اسم 'الأب الفكري "لجدار الفصل الحالي. جاءت الخطوة الأولى في هذا الفصل المادي عام 1993 عندما فرضت إسرائيل إغلاقاً عسكرياً على الضفة الغربية وقطاع غزة عن طريق وضع نقاط التفتيش ومنع الفلسطينيين من الدخول إلى إسرائيل والقدس. وفي عام 1994، أقامت حكومة حزب العمل برئاسة اسحق رابين معبر قطاع غزة، وشكل رابين في السنة التالية لجنة خاصة لمناقشة خطط أخرى لفصل الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن اغتياله في عام 1995 حال دون تحقيق رؤيته ببناء جدار الفصل في الضفة الغربية.
ومع اندلاع الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) في أيلول (سبتمبر) عام 2000، ارتفعت الأصوات الإسرائيلية تدعوا إلى الإسراع في تنفيذ خطة فصل أحادية الجانب، والتي كان يجري الإعداد لها من قبل الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1996. وافق ايهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد شهر على قرار إنشاء مجموعة من الحواجز والعوائق الأخرى للسيطرة بشكل منهجي على دخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى إسرائيل. وبعد الهزيمة الانتخابية لايهود باراك في كانون الثاني (يناير) من عام 2001، اعتمدت حكومة ارئيل شارون المشروع وحددت مساراً لجدار الفصل يمتد من داخل الضفة الغربية من أجل منع تسلل "الإرهابيين" من منطقة "يهودا والسامرة" إلى إسرائيل . وفي 23 حزيران (يونيو) 2002، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي في قرار رقم 2077 على المرحلة الأولى من بناء الجدار الذي يمتد من شرق الخط الأخضر ويعانق مدينة القدس، بالإضافة إلى امتداده مسافة 20 كم من المنطقة الفاصلة غرب نهر الأردن، كما وافق المجلس على استمرار تواجد القوات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية . ونص القرار على أن الجدار يعد "إجراء أمني" و "لا يمثل حدوداً سياسية أو غيرها" و أن المسار المفصل والنهائي سيتقرر من قبل رئيس الوزراء ووزير للدفاع.
وضم المقطع الأول من الجدار الذي يمتد مسافة (175) كم من شمال الضفة الغربية بالقرب من قرية سالم إلى مستوطنة الكانا جنوب شرق قلقيلية قطعة أرض من شمال وجنوب القدس مساحتها 22 كم. أما في المرحلة الثانية ، فقد امتد الجدار إلى قرية تياسير الواقعة شمال شرق الضفة الغربية، وحددت هذه المرحلة كذلك بداية فصل غور الأردن عن بقية الضفة الغربية. وتمت الموافقة لاحقاً على بناء الجدار حول حدود بلدية القدس وجنوب مستوطنة الكانا.
ويتخذ الجدار الذي يضم 30-100 مترا من "المنطقة العازلة" أشكالاً متعددة، حيث يتكون من جدار اسمنت صلب بطول ثمانية أمتار مربوط بأبراج مراقبة وطرق مخصصة للدوريات في بعض المناطق، وسلسلة من السياج؛ بعضها كهربائية، وخنادق وأسلاك شائكة وأجهزة استشعار في مناطق أخرى.
أصبحت الإدانة الدولية لجدار الفصل واسعة النطاق، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة قرارات تدين الجدار العازل وتطالب "إسرائيل بوقف وإلغاء بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك داخل القدس الشرقية وما حولها، حيث أن بناءه يحيد عن خط الهدنة المتفق عليه عام 1949 ويتناقض مع أحكام القانون الدولي ذات الصلة" . كما حذرت الجمعية العامة للأمم المتحدة من أن بناء الجدار يشمل "مصادرة وتدمير الأراضي والموارد الفلسطينية، وتعطيل حياة الآلاف من المدنيين المحميين والضم الفعلي لمساحات شاسعة من الأراضي "، كما حذرت كذلك من أن المشروع سيكون له "تأثيراً مدمراً [...] على الفلسطينيين المدنيين وعلى احتمالات حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحقيق السلام في المنطقة." أصدرت محكمة العدل الدولية فتوى في عام 2004 تفيد بان الجدار يخالف القانون الدولي ويعيق حصول الشعب الفلسطيني على حقهم في حكم ذاتي ويتجاوز بصورة كبيرة ما هو مسموح به لسلطة الاحتلال بموجب القانون الدولي الإنساني. قضت المحكمة بأن على إسرائيل أن "تُوقف على الفور أعمال بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك داخل القدس وحولها"، والتي من الممكن أن تصبح بمثابة ضم للأراضي الفلسطينية، ويجب أن تعيد الممتلكات التي استولت عليها، فضلا عن تعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم . وبالمثل، فقد أعربت المفوضية الأوروبية مراراً وتكراراً أنها تعتبر جدار الفصل غير شرعي وحثت الحكومة الإسرائيلية على إزالته من الأراضي الفلسطينية المحتلة.