ملكية الأراضي في فلسطين 1948
Map Details
لقد أنكرت خطة التقسيم الصادرة عن الأمم المتحدة الحقائق الديموغرافية في فلسطين بقدر لا يزيد عن إنكارها للحقائق المتعلقة بملكية الأراضي. لقد زودت سلطات الانتداب اللجنة الدولية الخاصة حول فلسطين بإحصاءات تبين أن ملكية اليهود للأراضي لم تتجاوز 39% في أي لواء، وأقل بذلك بكثير في مختلف الألوية الأخرى (راجع الخريطة رقم 11). في كانون الأول من عام 1947، وصلت الممتلكات اليهودية من الأراضي بمجموعها إلى 1.734 كم2 أو 6.6% من مجموع الأراضي. وكانت غالبية الأراضي المتبقية تعود للفلسطينيين، ومصنفة إما ملكية فردية أو جماعية. في المقابل، لم تكن أراضي الدولة والمحميات الطبيعية مكثفة في المنطقة التي خصصت للدولة اليهودية بموجب الخطة. لكن لواء بئر السبع كان الاستثناء الوحيد لذلك، حيث بلغت نسبة الأراضي المملوكة للدولة 85% من إجمالي الأراضي.
وكما هو مبين في الصفحات السابقة (راجع الخريطة رقم 11)، كان الفلسطينيون حتى عام 1947 يتسمون بالغالب بأنهم شعب زراعي ريفي. وقد كانت ملكية الأراضي تشكل أساس الثقافة والاقتصاد السائدين. وقد كان ما نسبته 60 – 62% من القوى العاملة في عام 1947 مؤلفة من الفلاحين الذين يعيشون في الريف. وخلافاً لما كان عليه حال السكان اليهود، فقد كانت خبرتهم ومعرفتهم مرتبطة بشكل محدد بالأرض التي عاشوا عليها وعملوا فيها لأجيال.
واجه اليهود قضية ملكية الأرض والعقبة التي تشكلها لتحقيق التفوق الجغرافي والديموغرافي المطلوب في فلسطين قبل عام 1948 بوقت طويل. قبل 10 سنوات من اندلاع الحرب، تناول رئيس الصندوق القومي اليهودي، ميناحيم أوسيشكين، وأحد أبرز مناصري عقيدة "الترحيل" مسألة المفارقة بين سياسة الاستيطان الجماعي التي تتبناها منظمة الصهيونية العالمية والممتلكات الضئيلة من الأراضي التي تمتلكها الوكالة اليهودية. وقد أخبر الوكالة "يجب أن نزيل 60.000 عائلة عربية من أجل تحرير أرض لليهود." ومع اندلاع المواجهات بعد التصويت على قرار التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947، أعلن بن غوريون: "الحرب سوف تمنحنا الأرض. مفاهيم من قبيل "لنا" و "ليست لنا" هي مفاهيم سلام، وستفقد معناها ككل خلال الحرب."
ترك اللاجئون، الذين أجبروا على مغادرة فلسطين خلال 20 شهر تلت قرار 181، وراءهم أملاكهم ومتاعهم. وقد كان من المستحيل حساب مدى الخسائر لأراضيهم وعقاراتهم بدقة. من ناحية الأرض المزروعة، تشير السجلات إلى أنهم تركوا وراءهم ما لا يقل عن 40.000 دونم من كروم العنب، وحوالي 100.000 دونم من بساتين الحمضيات، وحوالي 4.3 مليون دونم (أكثر من 80% من مساحة فلسطين خلال الانتداب) من المحاصيل الحقلية. كما أن 95% مما أصبح يعرف ببساتين الزيتون "الإسرائيلية" كانت ملكاً للفلسطينيين في عام 1948. وفي نهاية فترة الانتداب، كان الفلسطينيون يزرعون 5.484.700 دونم، بينما بلغ إجمالي مساحة الأراضي التي أصبحت تحت الحكم العربي 5.948.320 دونم. تجدر الإشارة إلى أن الملكية اليهودية للأراضي قبل اندلاع الحرب لم تتجاوز 7.23% فقط من إجمالي الأراضي التي أصبحت تملكها إسرائيل بعد الحرب، والبالغة مساحتها 20.371.680 دونم.
ومع اتخاذ الوكالة اليهودية قرار "بعدم وجود إمكانية للحديث عن عودة العرب"، تكون باشرت الحكومة الإسرائيلية فيما بعد على إحكام القبضة والسيطرة التي طالما سعت لها على الأرض الفلسطينية. وفي منتصف الطريق خلال الحرب، تم تشكيل لجنة وزارية للأملاك العربية المهجورة لتتولى مهمة توزيع وإدارة الغنائم الجديدة. وقد تمثلت أولى قرارات الحكومة الإسرائيلية "المؤقتة" في إلغاء كافة القيود التي كانت مفروضة على نقل ملكية الأراضي. وبعد انتهاء الحرب، أصدرت إسرائيل قانونين أساسيين، من أجل إضفاء شرعية (بالأعراف والاصطلاحات المحلية) على غنائمها الحربية غير الشرعية (بالأعراف الدولية). لقد منح قانون أملاك الغائبين وقانون سلطة التطوير الحكومة والصندوق القومي اليهودي حقوقاً مطلقة للتصرف بكافة الأرض الفلسطينية في الدولة اليهودية الجديدة، حتى أنه تم تجريد الأقلية الفلسطينية التي بقيت داخل حدود دولة إسرائيل من أملاكها من خلال تلك القوانين والأوامر العسكرية المصاحبة لهما. تجدر الإشارة إلى أن مساحة الأراضي التي تمت مصادرتها في عام 1948 من هذا المصدر لوحده تفوق مساحة جميع الممتلكات اليهودية مجتمعة قبل عام 1948.
لقد شكل اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم والاستيلاء عليها - بشكل أو بآخر – الهدف الأساسي لليهود طوال الحقب الماضية ، ومنذ الإحتلال البريطاني في 1917. وقد تحقق هذا الهدف تقريبا بين عامي 1947 و 1949 – وتأسست دولة إسرائيل.