غزة اليوم، 2014
Map Details
في أيار )مايو( 2010، أبحر مجموعة من نشطاء سياسيين ومنظمات حقوق الإنسان المعارضة للحصار الإسرائيلي لقطاع غزة ضمن تحالف دولي في أسطول مكون من ست سفن إلى قطاع غزة، بهدف كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ كانون الثاني (يناير) 2009، ناهيك عن الطوق الأمني منذ عام 2007، وذلك بالتنسيق مع حركة غزة الحرة ومؤسسة حقوق الإنسان والحرية والإغاثة الإنسانية التركية(IHH) - . وفقاً لبعثة تقصي الحقائق للأمم المتحدة كانت للقافلة البحرية "ثلاث أهداف: (أ) لفت الانتباه الدولي العام إلى الوضع في قطاع غزة وتأثير الحصار؛ (ب) كسر الحصار؛ و (ج) تقديم المساعدة والإمدادات الإنسانية إلى غزة." وكانت للنقطة الأخيرة أهمية خاصة للمشاركين.
بعد أن تجاهل المبحرون في الأسطول أمراً عسكرياً من قبل البحرية الإسرائيلية بتغيير المسار والتوجه إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، بعثت إسرائيل بقوات بحرية خاصة اقتحمت مسار وركاب السفن الستة، مما أسفر عن مقتل تسعة نشطاء وإصابة أكثر من 50 آخرين على إحدى السفن (إم في مافي مرمرة). بالرغم من أن تقارير التحقيقات اللاحقة التي أصدرتها لجان تحقيق وطنية ودولية حول غارة أسطول غزة اختلفوا في حكمهم حول مشروعية الحصار على غزة، إلا أنه كان هناك شبه اتفاق دولي على أن القوات الإسرائيلية استخدمت قوة مفرطة خلال المداهمة . وأدت هذه الحادثة إلى تدهور خطير في العلاقات الإسرائيلية التركية. ونتيجة الانتقادات الدولية المتصاعدة لحصار غزة في أعقاب غارة أسطول الحرية ، أجبرت إسرائيل على تخفيف القيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل في قطاع غزة في حزيران (يونيو) من عام 2010، إضافة إلى تخفيف القيود المفروضة على التصدير في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2010 وكانت هذه التسهيلات محدودة للغاية ولم تحقق تحسن ملموس على الوضع الاقتصادي والإنساني في غزة.
وفي الوقت نفسه، تواصلت الأعمال العدائية الإسرائيلية على قطاع غزة على مدار عامي 2010 و 2011، مع اشتباكات عبر الحدود من قبل كلا الجانبين من حين لآخر ، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى الفلسطينيين، فضلا عن عدد من الوفيات الإسرائيلية. شنت إسرائيل "عملية عمود السحاب" في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) من ذلك العام على أكثر من 1,500 هدف في قطاع غزة بعد حدوث عدد من الحوادث العنيفة بالقرب من الحدود بين غزة وإسرائيل في النصف الثاني من عام 2012. وكانت حصيلة العملية العسكرية التي استمرت حتى اتفاق إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) مقتل ما يزيد من (170) فلسطيني، ومن بينهم مائة من المدنيين وعشرات الأطفال. في المقابل، فقد ستة إسرائيليين، من بينهم أربعة مدنيين حياتهم. وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، انتهك كل من الجيش الإسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة القانون الدولي خلال فترة "عمود السحاب". بناءً على شروط وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة مصر، قامت إسرائيل ومصر بتخفيف بعض القيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل على غزة. لم تكن هناك أي أعمال العدائية بين إسرائيل وقطاع غزة منذ وقف إطلاق النار في عام 2012، وشهد عام 2013 أقل عدد من الوفيات ذات صلة بالصراع في غزة منذ عام 1999، رغم أن الهجمات الإسرائيلية والخسائر الفلسطينية عبر الحدود قد زادت كثيراً نتيجة لذلك في الأشهر الأولى من عام 2014.
بالرغم من تحسن "الأوضاع الأمنية" في قطاع غزة إلا أن الأزمة الإنسانية والاقتصادية ما زالت في حالة تدهور ، وخاصة منذ تموز (يوليو) من عام 2013 عندما أطاحت ثورة 30 تموز (يوليو) بالرئيس المصري محمد مرسي وبقيادة الإخوان المسلمين في مصر، الأمر الذي أعقبه فرض" القيود الحدودية على قطاع غزة الذي تديره حركة حماس منذ عام 2007، بحيث أغلقت أنفاق التهريب، ومنعت معظم حركة الركاب متسببين بخسائر اقتصادية تقدر بملايين الدولارات". وقد أدى تشديد الحصار على غزة بواسطة قوات الأمن المصرية إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، فضلا عن زيادة نسبة البطالة في قطاع غزة، ومن ناحية أخرى فإن العملية المحدودة لمعبر رفح الحدودي قيدت بشدة حصول المواطنين في القطاع على الرعاية الصحية في مصر.
علاوة على ذلك، منذ إغلاق أنفاق التهريب التي كانت إحدى استخداماتها جلب الوقود المصري إلى غزة، أصبح هنالك نقص مزمن في الوقود في قطاع غزة، مما تسبب في عمل مولدات الطاقة بنصف قدرتها تقريباً أو حتى إغلاقها تماما في عدد من المناسبات. نتيجة لأزمة الوقود والكهرباء في غزة، أصبحت إمدادات المياه الجارية محدودة للغاية، حيث أن أكثر من 30٪ من الأسر في قطاع غزة يحصلون على المياه مرة واحدة فقط كل أربعة أيام لمدة (6-8) ساعات فحسب. بالإضافة إلى ذلك، فإن وحدات تحلية المياه تعمل بأقل من نصف طاقتها، وعدد كبير من الآلات الطبية معطلة في المستشفيات، وتواجه خدمات جمع النفايات الصلبة وخدمات الإدارة صعوبة في مجاراة الطلب، وأكثر من (140,000) دونم من الأراضي الزراعية المستخدمة في إنتاج الغذاء معرضة لخطر الجفاف حيث أن الآبار المستخدمة للري تحتاج للكهرباء لتشغيلها.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة في حالة تدهور نتيجة استمرار إسرائيل في فرض الحصار. بالرغم من الزيادة الطفيفة في عدد الشاحنات التي يسمح لها بالدخول من إسرائيل إلى غزة في عام 2013 مقارنة بعام 2012، إلا أن عدد شاحنات التصدير التي يسمح بخروجها إلى إسرائيل قد انخفض بشكل ملحوظ. إن الظروف المعيشية في غزة سيئة جداً نتيجة الحصار. ويبدو مستقبل 1,7 مليون مواطن فلسطيني في غزة كئيباً جداً - في ضوء الأزمة الاقتصادية والإنسانية المتفاقمة – ناهيك عن أن عدد من الأسر التي تعاني من نقص في المواد الغذائية والتي تبلغ 57٪ في عام 2012 من المتوقع أن ترتفع في الأعوام المقبلة.