(القدس المعاصرة (2014
Map Details
بعد فشل قمة كامب ديفيد في منتصف عام 2000 في وضع اتفاق الوضع النهائي، والذي يعود جزئيا إلى استمرار الخلاف بين المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين حول وضع القدس (انظر الخريطة 59(، حدد الرئيس الأمريكي كلينتون موقفه من قضية القدس في "مقترحاته" في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2000. اقترح كلينتون أن تكون القدس مدينة مفتوحة وغير مقسمة مع ضمان حرية الوصول والعبادة للجميع، كما اقترح تطبيق مبدأ "ما هو عربي سيكون فلسطينياُ وما هو يهودي إسرائيلياً" واقترح على الطرفين علاقة "رمزية" حول السيادة والإدارة على الحرم الشريف.
فشلت محادثات طابا اللاحقة كذلك في كانون الثاني (يناير) 2001 في إحراز أي اتفاق. ورغم أنه كان يجري العمل بشكل مفصل أكثر على مقترحات كلينتون للقدس أثناء عملية أنابوليس التي انطلقت عام 2007 مع التمهيد لخطة الوصاية الدولية على "الحوض التاريخي" في القدس، إلا أن فشل كلا الطرفين في إيجاد تعريف مشترك ل"الحوض" يشير إلى أن التوصل إلى حل بات أبعد من أي وقت مضى (انظر الخريطة 47). تمت مناقشة قضية القدس مرة أخرى خلال أحدث جولات محادثات السلام (2013/2014) تحت إشراف كيري وزير الخارجية الأمريكية، ولكن دون جدوى.
أصدرت محكمة العدل الدولية في تموز (يوليو) 2004 رأياً استشارياً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن بناء جدار الفصل في الضفة الغربية والقدس الشرقية (انظر الخريطة 39). كررت محكمة العدل الدولية تأكيدها أن القدس الشرقية أرض محتلة، وأشار الأغلبية في المحكمة إلى أن مسار الجدار "يعبر عن الإجراءات غير المشروعة التي تتخذها إسرائيل فيما يتعلق بالقدس والمستوطنات، كما ندد به مجلس الأمن"، وبالتالي ينتهك القانون الدولي. ومع ذلك، فقد استمر البناء منذ ذلك الحين دون انقطاع، ومنذ عام 2014 يمتد مسار الجدار في منطقة القدس مسافة 168 كيلومتراً تقريباً، ويقع 3٪ منه فقط على الخط الأخضر.
في 13 أيلول (سبتمبر) من عام 2004، أعلن اوري لوبوليانسكي، رئيس بلدية القدس في ذلك الوقت عن "خطة مدينة القدس الموحدة"، والمعروفة باسم الخطة الكبرى للقدس 2000، والتي تعامل المدينة كوحدة حضرية واحدة تحت السيادة الإسرائيلية (انظر الخريطة 62). لا يزال بناء المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية جارٍ بما يتماشى مع أهداف الخطة الديموغرافية رغم الإدانة الدولية، مع ارتفاع قياسي في المناقصات المطروحة الموافق عليها خلال عملية كيري للسلام، والتي بلغت أكثر من 2،500 مناقصة (انظر الخريطة 49(.
هذا وتنتشر المستوطنات في القدس الشرقية ويستمر عدد المستوطنين في النمو: حيث كان هناك حوالي (170,000) مستوطن في عام 2000، وبحلول عام 2010، زاد عددهم بنسبة تزيد عن 15٪ ليصل إلى ما يقارب (200,000) مستوطن. وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن المستوطنين في القدس يشكلون نحو 38٪ من مجموع السكان اليهود في المدينة.
منذ عام 2014، تمت مصادرة حوالي (24,500) دونم من أراضي القدس الشرقية التي تبلغ مساحتها (70,500) دونم لبناء المستوطنات، في حين تم تخصيص 9,180 دونم منها (حوالي 13٪) للبناء الفلسطيني فحسب. وعلاوة على ذلك، تنتهج إسرائيل سياسات تمييزية تجعل من الصعب للغاية حصول الفلسطينيين على تراخيص البناء بسبب ارتفاع الرسوم، والتأخيرات التي تصل إلى عشر سنوات والمتطلبات اللازمة لإثبات ملكية الأراضي التي من المستحيل تقريبا الحصول عليها. وبناءً على ذلك، حصلت الأحياء الفلسطينية بين عامي 2005 و 2009 فقط على 13% من الوحدات السكنية في القدس التي تم منحها تراخيص بناء، الأمر الذي يترك الفلسطينيين أمام خيارين: مغادرة المدينة أو البناء دون الحصول على تراخيص. وتشجع البلدية ووزارة الداخلية الخيار الأول من خلال ممارسة سياسة هدم بيوت الفلسطينيين غير المرخصة. ونتيجة لهذا، تم هدم أكثر من 500 منزل فلسطيني منذ عام 2004، وأصبح بذلك أكثر من 2,000 شخص بلا مأوى، من ضمنهم ما يقارب 1,100 قاصر.
إن عدم المساواة في قضايا الإسكان والخدمات بين القدس الشرقية وغرب المدينة والمستوطنات الإسرائيلية واضح وموثق جيدا. حيث تم تخصيص حوالي 90٪ من ميزانية البلدية البالغة 4.7 مليار لصالح القدس الغربية والمستوطنات في عام 2011 ، بينما تم إنفاق 10٪ فقط على السكان الفلسطينيين الذين يشكلون أكثر من 36٪ من سكان المدينة. ويوجد في القدس الغربية حوالي 90٪ من أنابيب الصرف الصحي والطرق والأرصفة الموجودة في المدينة، إضافة إلى 1,000 حديقة عامة و37 حمام سباحة، في حين يوجد في القدس الشرقية 45 حديقة عامة و 3 حمامات سباحة فحسب. إضافة إلى ذلك، يوجد في القدس الشرقية مكتبتين و33 مرافق رياضية، في حين يوجد في القدس الغربية 26 مكتبة عامة و564 مرافق رياضية. إن معدل الفقر بين سكان القدس الشرقية في ارتفاع مستمر، فقد ارتفع من 64٪ في عام 2006 إلى٪ 79.5 في عام 2011 وقد ارتفع من 73٪ إلى أكثر من 85٪ بين الأطفال. أما بالجانب الإسرائيلي، فقد كانت نسبة الفقر 30,8٪ بين العائلات اليهودية في عام 2010 و 45,1٪ بين الأطفال اليهود. تهدف إسرائيل إلى تشجيع الهجرة من المدينة عن طريق القيود التي تفرضها على البناء والخدمات غير الكافية التي تقدمها. ومن السياسات الأخرى التي تتبعها إسرائيل في ترحيل الفلسطينيين من القدس هي سحب بطاقات الهوية (انظر الخريطة 56). حيث تم سحب 14,200 بطاقة هوية من السكان الفلسطينيين منذ عام 1967 وحتى عام 2014. وفي حال تم أخذ أطفالهم المعالين في عين الاعتبار، فإن عدد الأشخاص الذين تم حرمانهم من حقهم بالمواطنة وبالإقامة بالإضافة إلى الحقوق الاجتماعية والصحية يزيد عن 86,000 شخص.
ومن السياسات الأخرى التي تتبعها إسرائيل: مصادرة الأراضي الفلسطينية والممتلكات الخاصة، وبناء جدار الفصل ، وتطبيق نظام الإغلاق، وتطوير نظام نقل يتجاهل مصالح التخطيط لدى الجانب الفلسطيني. وتشمل هذه الإجراءات المزيد من مصادرة الأراضي، وتعيق التنمية الفلسطينية، وتعزل الأحياء والضواحي الفلسطينية عن بعضها البعض وكذلك عن الضفة الغربية، وتضعف إمكانية أن تصبح القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.