المستوطنات الإسرائيلية والأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية، 2000
Map Details
كانت عملية حساب أعداد السكان الفلسطينيين بدقة في القدس الشرقية محفوفة بالصعاب؛ وتعود في الأساس إلى السياسات العنصرية التي فرضتها وزارة الداخلية الإسرائيلية منذ عام 1967.
عقب احتلال القدس الشرقية، قامت إسرائيل بإجراء تعداد سكاني تم بموجبه تسجيل 66.000 فلسطيني تقريباً مقيمين في المدينة. أما أولئك الذين نزحوا من المدينة خلال حرب 1967، أو كانوا خارجها في ذلك الوقت – والذي يزيد عددهم مجتمعين على 27.000 مقدسي – فقد تم حرمانهم بشكل تعسفي من التسجيل. وبعد تبني "قانون الدخول إلى إسرائيل" للعام 1952، قامت إسرائيل بحصر حق العيش في المدينة على أولئك المسجلين رسمياً عام 1967 وأبنائهم، وأصدرت لهم بطاقات هوية زرقاء، صنفتهم على أنهم "مقيمين دائمين" (أي أجانب يتمتعون بوضع مقيم). أما الفلسطينيون الذين يقيمون خارج المدينة لفترة تزيد على سبعة سنوات، بغض النظر عن الغرض، وكذلك الذين أخفقوا في تقديم "المتطلبات" الإسرائيلية أن "مركز حياتهم" داخل حدود البلدية، فقد تم إلغاء حقوقهم في الإقامة. ويتعين على الفلسطينيين غير المسجلين المتزوجين من مقدسيات أو الذين يختارون العودة إلى منطقة القدس الشرقية بعد إلغاء إقامتهم، أن يتقدموا بطلب إلى وزارة الداخلية الإسرائيلية للحصول على "لم شمل للعائلة". ولا تكون الوزارة ملزمة بتقديم أي إيضاح بخصوص قراراتها بهذا الشأن. وبين عام 1967-2001، قامت إسرائيل بإلغاء حقوق الإقامة لعدد 6.444 مقدسي فلسطيني.
ونتيجة لهذه السياسات القاسية، كان الفلسطينيون بشكل عام مترددين تجاه مسألة طرق باب وزارة الداخلية الإسرائيلية من منطلق الشفافية الكلية، ولأن إسرائيل جعلت بيانات السكان الخاصة بالفلسطينيين في المدينة عرضة للخطأ. في عام 2000، حددت التقديرات الإسرائيلية الرسمية عدد الفلسطينيين المقيمين في القدس بحوالي 208.700 نسمة – حيث يشكلون 31.7% من الإجمالي. فيما قدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني – الذي منع من إجراء مسوحاته الخاصة في المدينة – العدد برقم أعلى بكثير يصل إلى 238.561 نسمة، ويتضمن عدد غير معلوم من الفلسطينيين الذين يحملون بطاقة هوية القدس، لكنهم يقيمون في الضفة الغربية. وأدت القيود الإسرائيلية القاسية المفروضة على التنمية والبناء الفلسطيني، بحلول العام 2000، إلى جعل معدل الكثافة السكانية الفلسطينية على الأقل ضعف الكثافة السكانية اليهودية في المدينة، وكان 30% من الفلسطينيين يقيمون بمعدل ثلاث أشخاص للغرفة الواحدة.
بنفس الوقت، منذ العام 1967، تطورت مستوطنات القدس الشرقية الإسرائيلية، التي تتصدر خطة التطوير الوطني، لتصبح مناطق سكنية مدعومة كبيرة ومزدحمة، تغلف المدينة وتنتشر على الأراضي المصادرة من سكانها الفلسطينيين. وبين الأعوام 1967-2000، حصل 75-80% من النمو السكاني اليهودي في القدس في هذه "الحلقة الداخلية" المكونة من 10 نقاط من المستوطنات السكنية. وتعتبر "الحلقة الداخلية" بحد ذاتها حلقة الوصل بين القدس الغربية و "الحلقة الخارجية" للمستوطنات. وتخدم هذه الحلقة بربط الجزء الغربي إقليمياً وديموغرافياً بالجزء الشرقي المحتل من المدينة. وتوصف المواقع العشرة الرئيسية التي تشكل أساس البرنامج – حسبما هو مبين في الخريطة – على أنها تتكون من "أحياء" استيطانية منفردة ومتصلة ببعضها. وهذه المراكز الكبيرة، التي يصفها مخططو المدينة الرئيسيين بأنها "أسوار واقية جديدة" للقدس، تأتي بالإضافة للمستوطنات الموجودة على نطاق أصغر، والتي تتكاثر في البلدة القديمة وحولها.
يشار إلى أن مواقع "الحلقة الداخلية" قد تم إقامتها على مراحل. بين الأعوام 1968-1973، تذرعت إسرائيل بمرسوم "الأهداف والأراضي الميري لعام 1943" كي تصادر معظم الأراضي اللازمة لمجمل البرنامج وقامت ببناء المواقع الأولى: التلة الفرنسية/ رمات اشكول (1968)، وعطروت (1970)؛ وجيلو (1971)، والنبي يعقوب (1972)، وتلبيوت الشرقية (1973)، وراموت (1973). وفي عام 1985، قامت إسرائيل بإضافة بسجات زئيف على مساحة 4.400 دونم من أراضي قرى بيت حنينا وحزما. وقامت في عام 1991 بإنشاء جيفعات هاماتوس وهار حوما (على الرغم من تأجيل أعمال الإنشاءات في الأخيرة حتى العام 1997)، وتلى ذلك عام 1994 إنشاء ريخش شعفاط. وبشكل كلي، تم مصادرة ما يزيد على 23.300 دونم من أراضي القدس الشرقية فقط لغرض بناء هذه المواقع الارتكازية العشرة من "الحلقة الداخلية". واصطدمت عملية مصادرة الأرض بشكل كبير بمواقع 12 حي فلسطيني كبير وثلاث قرى تقع ضمن الضفة الغربية، مما جردها فعلياً من قدرتها على التطور كلياً.
من خلال الاستثمار الكبير في الطرق العابرة والإلتفافية لربط هذه المواقع، وفّرت إسرائيل لهذه المستوطنات خطوط اتصال غير متقطعة مع بعضها البعض ومع القدس الغربية. حيث يمكن السفر من هار حوما في الجنوب عبر النبي يعقوب في الشمال الشرقي في غضون دقائق ودون أي نقطة تماس مع السكان غير اليهود في المدينة أو المرور من خلال بنيتها التحتية الأقل تطوراً. بالمقابل، يتم بشدة عرقلة حركة الفلسطينيين داخل وعبر المدينة نظراً لانعدام الطرق الملائمة والمضايقات الموجودة في نظام الطبقتين للمراقبة الإدارية والأمنية، الذي يجبر المستوطنون على العيش في ظله. في عام 2001، بلغ عدد سكان مستوطنات "الحلقة الداخلية" 200.000 نسمة، وهذا يعني أن نصف المستوطنين الإسرائيليين في المناطق الفلسطينية المحتلة يقيمون في القدس الشرقية العربية المضمومة والموسعة بشكل غير قانوني.