سكان فلسطين حسب الأقضية والألوية عام 1946
Map Details
سرّع الإخفاق في كسب الدعم لخطة موريسون – جرادي من قيام بريطانيا في شباط 1947 بنقل مسؤولية ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة. رغم أن جهوداً بذلت لمحادثات بين قادة يهود وفلسطينيون في لندن، إلا أنها لم تعمر طويلاً وآلت إلى الفشل بعد أسبوعين من اجراءها. كما أدى مبالغة الرئيس الأمريكي هنري ترومان، في دعمه لليهود، بما في ذلك موافقته على مشروع الوكالة اليهودية القاضي بقيام دولة يهودية على 60% من أرض فلسطين، إلى وضع بريطانيا في موقف العاجز وغير القادر على التفاوض مع أي من الجانبين. في أثناء ذلك، بدأت الميليشيات الصهيونية مجتمعة منذ أوائل 1944 بشن حملة ضد القوات البريطانية ومنشآتها في فلسطين. ومع حلول منتصف عام 1946، كانت القوات البريطانية تتعرض لإطلاق النار، وإلقاء القنابل، والخطف على نحو أسبوعي تقريباً، بالإضافة إلى أن مئات المدنيين لاقوا حتفهم. وقد دفع هذا الوضع رئيس الوزراء البريطاني إلى الإعلان، في سياق هجوم شنه باستحياء على قادة اليهود: "إذا كانت الأحلام التي حلمناها للصهيونية ... والجهود التي بذلنا من أجل مستقبلها ستنتج نوعاً جديداً من أفراد العصابات المشابهين للذين كانوا في ألمانيا النازية، فإن الكثيرين من أمثالي سيجدون أنفسهم مضطرين لإعادة النظر في الموقف الذي تبنيناه بشكل متواصل ولفترة طويلة في الماضي".
واستمر قادة الوكالة اليهودية في منهاج الارهاب والعنف بشكل منظم ومتواصل. وفي حزيران 1946، قامت سلطات الانتداب للمرة الأولى باعتقال شخصيات قيادية من الوكالة اليهودية، وأغلقوا بذلك القناة الأساسية للتنسيق اليهودي – البريطاني، بعد أن ساعدوا في إنشائها وتعاملوا معها منذ عام 1923. لقد أجبرت البنود المرجعية المتناقضة لوثيقة الانتداب الحكومة البريطانية على السير في طريق تحقيقها مستحيل منذ البداية. ففي الوثيقة التي وضعت (عام 1922) في وقت كان فيه اليهود يشكلون أكثر بقليل من 11% من مجوع السكان، وعد الانتداب اليهود بإنشاء "وطن قومي" لهم وضمان حماية الوضع المدني والاقتصادي للسكان الأصليين الفلسطينيين، وبالتالي وضعت الإدارة البريطانية في موقف سخيف وهي ترى "عدم حدوث أي تمييز من أي نوع بين السكان." ومع حلول عام 1946، كانت جميع المحاولات الرامية للحيلولة دون التفكيك الحتمي لسلطة الانتداب تذهب سدى.
خلال الفترة الممتدة من 1920 إلى 1945، دعم البريطانيون هجرة أكثر من 393.887 يهودي، شكلوا ثلثي عدد السكان اليهود مع نهاية عام 1945. ومنذ إجراء سلطات الانتداب للتعداد السكاني في عام 1922، ازدادت نسبة السكان اليهود بحوالي 700% ، وشكلوا حوالي 32% من مجوع السكان. ورغم الهجرة الاستثنائية ووجود أكثر من 260 مستعمرة زراعية، إلا أن الطابع الحضري استمر يغلب على السكان اليهود. ومع أن نسبة السكان اليهود في لواء القدس بلغ حوالي 38%، إلا أن ممتلكاتهم من أراضي المنطقة اقتصرت فقط على 2%، بينما صنف 3% فقط منهم من الريف (راجع الخريطتين 50 و 53). يمكن ملاحظة نمط مشابه في لواء يافا، الذي وجدت فيه أكثر كثافة سكانية (1,116.5 شخص لكل كم2). فمن بين 295.000 يهودي كانوا يقيمون في اللواء، كان ما نسبته 59% منهم يسكنون في مدينة تل أبيب (التي كان يسكنها أقل من 400 فلسطيني). كما أن النمط الذي كان سائد في حيفا يشبه نفس نمط يافا. وقد غلب الطابع الريفي على السكان اليهود فقط في مناطق بيسان، وطبريا، والناصرة التابعة لمنطقة الجليل الأدنى (راجع الخريطة رقم 13). تجدر الإشارة إلى أن 29% من اليهود كانوا يقيموا في تل أبيب، أي أكثر من تعداد جميع اليهود المقيمين في الريف الفلسطيني.
بلغ تعداد سكان فلسطين في عام 1946 حوالي 1.845.560 نسمة، من بينهم: 58% من الفلسطينيين المسلمين و 8% من المسيحيين المسلمين. وقد شكل المسلمون 79% من سكان الريف الفلسطيني – ذلك القطاع الذي يشكل 52% من إجمالي السكان- بينما شكل اليهود 50% من مجموع سكان المدن. بالنسبة للفلسطينيين المسيحيين، بلغت الاتجاهات الديموغرافية طويلة الأمد أوجها بتمركز 80% منهم في مراكز المدن. في لواء يافا فقط، تجاوز عدد السكان اليهود أعداد الفلسطينيين، وشكلوا حوالي ثلث السكان في ثلاثة من ستة عشر لواءً في فلسطين. لقد شكل السكان العرب أغلبية في خسمة عشر لواءً. أما من ناحية ملكية الأراضي، فقد استمروا في احتفاظهم بغالبية الأراضي في جميع الألوية الستة عشر.