خطط الاستيطان الإسرائيلية الشاملة، 1976 - 1991
Map Details
نجح حزب الليكود في الحصول على الأغلبية في انتخابات 1977 وأصبح أرئيل شارون رئيساً للجنة الوزارية للاستيطان، ومسئولاً عن وضع قواعد الاستيطان اليهودي في الأرض المحتلة عام 1967. وسعى إلى دمج فوري لرؤية الليكود لاستيطان غير محدود مع خطط الاستيطان الشاملة الحالية.
استند شارون على رؤية كلية طويلة الأمد للاستيطان الجماعي من خطة ووشمان أو "خطة العمود الفقري المزدوج"، التي أقرها رئيس الوزراء اسحق رابين بشكل غير رسمي في عام 1976. كما كان عليه الحال بالنسبة لخطة يغيئال ألون، دعت خطة ووتشمان إلى الاستيطان بشكل أولي في المناطق الأقل كثافة سكانية. وسعت إلى زيادة الديموغرافية اليهودية بأكبر قدر ممكن في المناطق الشرقية من الأرض الفلسطينية المحتلة، وسيناء، والجولان، مع تطويق المراكز السكنية الفلسطينية الرئيسية. وقد وفرت هذه الخطة مخططاً علمانياً وبراجماتياً بحتاً لضمان حدود غور الأردن، ومرتفعات الجولان، ومنطقة غزة – سيناء، والخط الساحلي لخليج العقبة / شرم الشيخ. وقد كانت الرؤية الجغرافية – الاستراتيجية لخطة ووشمان تهدف إلى توطين 2.5 مليون يهودي في مرتفعات الجولان وشرم الشيخ، من خلال استثمارات طويلة الأمد في مجالات التطوير، والهجرة، والإسكان. لكن هذه الخطة أخفقت في معالجة الحاجات القومية والدينية لأولئك المستوطنين في قلب الأرض الفلسطينية المحتلة.
عندما رفض ووشمان خطة شارون المعدلة لدمج "يهودا، والسامرة، وغزة"، اتجه الأخير إلى ماتيتياهو دروبلز، رئيس دائرة استيطان الأراضي في منظمة الصهيونية العالمية، وأحد المؤيدين لكتلة غوش إيمونيم؛ من أجل إجراء تغيرات في البيروقراطية الراهنة بشكل يمكن من فصل التخطيط في الأرض الفلسطينية المحتلة. عملت خطة دروبلز على "تأميم" خطة وضعتها اللوبي الاستيطاني المتطرف المعروف باسم غوش إيمونيم (كتلة المتدينين)، التي أقرها شارون في عام 1977. وقام دروبلز بتوسيع نطاق الخطة الأصلية من خلال ضم كافة المستوطنات القائمة و 57 موقع استيطاني جديد في كتل استيطانية تتحكم بكافة الخطوط الحيوية، والأخاديد، والمصادر المائية بشكل يمزق التواصل الجغرافي الفلسطيني. وتم تطويق المدن الفلسطينية، وتسبب امتداد السيطرة الاستيطانية إلى الممرات المؤدية إلى وادي الأردن في شل الاتصال والتواصل الفلسطيني في حركة هادفة لمنع أي نوع من الاستقلال الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة.
على الرغم من نجاح خطة غوش إيمونيم - دروبلز في كسر أية محظورات متبقية فيما يتعلق بمواقع المستوطنات، إلا أن الأساس الأيديولوجي المتطرف الذي قامت عليه أخفق في توفير الضروريات العملية اللازمة لتنفيذها. ويعود ذلك إلى أن الحركة الاستيطانية الدينية المتطرفة لم توفر سوى القليل من المصادر البشرية للمشروع، بينما كانت إسرائيل بحاجة إلى استيطان جماعي كبير من أجل تحقيق الاستدامة اللازمة لمشروعها الاستيطاني. شرع شارون في تحويل الخطة إلى مجموعة مستوطنات واحدة ذات "نوعية معيشية عالية" مع ضمان وحدة جغرافية مباشرة وتواصل تام مع السهل الساحلي في إسرائيل. وقد بقيت خطة شارون موالية لرؤية غوش إيمونيم – دروبلز، لكنها قسمت المناطق الفلسطينية إلى ثلاثة كنتونات منعزلة، تاركة الباب وراءها مفتوح لأي استيطان أيديولوجي مستقبلي في قلب الأرض الفلسطينية المحتلة المكتظة بالسكان، ومشجعةً المزيد من الاستيطان في الكتل الاستيطانية في الضواحي. وفي الوقت الذي وضعت فيه الخطة، كان عدد المستوطنين المقيمين في الضفة الغربية خارج القدس الشرقية يصل إلى 16.000 مستوطن فقط (بالإضافة إلى 800 – 900 مستوطن في قطاع غزة. . فمن خلال استغلال الطلب المتزايد على السكن الرخيص في الضواحي، سعى شارون إلى توطين 80.000 يهودي في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال خمس سنوات. وقد كانت خطته مصحوبة باستثمارات هائلة في البنية التحتية والخدمات. وفي غضون سنتين، ازداد عدد المستوطنين بحوالي الضعف ووصل الإنفاق الحكومة على المشاريع (الاستيطانية) إلى 1.5 مليار دولار أمريكي. وقد شكلت المستوطنات، والطرق، ومعسكرات الجيش حوالي 41.6% من مساحة الضفة الغربية و 32% من مساحة قطاع غزة . واستمرت خطة شارون المخطط المعتمد لدى الليكود طوال فترة الثمانينيات، حيث استخدمت كقاعدة دليلية لعمليات مصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات، والاستثمار في الأرض الفلسطينية المحتلة. ومع حلول آذار 1991، كان حوالي 100.000 مستوطن، من بين 185.000 يعيشون في الأرض الفلسطينية المحتلة، يسكنون في المناطق التي استهدفتها خطة شارون، بينما كان بقيتهم يقيمون في القدس الشرقية.
استخدمت خطة " النجوم السبعة"، التي صادق عليها الكنيست في أيار 1991، في تحقيق هدف مزدوج يقضي بربط مستوطنات وسط الضفة الغربية بحزام صناعي من بلدات التطوير الجديد؛ مع تقليص ديموغرافية وجغرافية منطقة الخط الأخضر. تم بناء " مستوطنات النجوم" تماماً وراء منطقة الخط الأخضر، مستهدفة منطقة " المثلث الصغير"، التي يعيش فيها أكبر تمركز للمواطنين العرب في إسرائيل. ومع استنادها إلى توقعات سكانية تصل إلى حوالي 390.000 يهودي، كانت الخطة تسعى إلى قلب ديموغرافية الحزام الحدود عن مستوى عام 1991 – الذي كان يمثل 71.5% من عرب إسرائيل و 28.5% من اليهود – بحيث يصبح 36% و 64%، على التوالي مع حلول عام 2005. بدأ تنفيذ طريق سريع جديد، طريق رقم 6، لربط "النجوم" ابتداء من موديعين في الجنوب ومنتهياً بحريش في الشمال جنباً إلى جنب مع 14 منطقة صناعية والعديد من البلدات الجديدة، الأمر الذي أدى إلى وجود حزام شمالي – جنوبي يفصل القرى العربية – الإسرائيلية عن بعضها البعض، وعن أراضيها، وعن الأرض الفلسطينية المحتلة. بغية تسهيل الخطة، تمت مصادرة مساحات هائلة من الأراضي، حيث حظيت تلك المستوطنات بمستوى بنية تحتية مشابهة للمستوى الذي تمتعت به المستوطنات المقامة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بينما مزقت النسيج الاجتماعي – الاقتصادي للتجمعات العربية – الإسرائيلية في المنطقة.
عكست خطة النجوم السبعة مدى تكريس برنامج التنمية القومية الإسرائيلية، الذي يحتل الاستيطان فيه موقع القلب، لخدمة الإجهاض الأبدي لأية إمكانية لوجود تواصل جغرافي أو ديموغرافي فلسطيني. وعلى الرغم من أن الخطط الشاملة كانت تستند إلى توقعات طويلة الأمد، وخضعت إلى تغيرات فيما يتعلق بالتنفيذ، إلا أن أثرها الجغرافي السياسي كان فورياً وطويل الأمد. لم تكن الخطط الشاملة تسعى إلى توسيع مناطق الاستيطان اليهودي بشكل غير محدود وحسب، وإنما أيضاً إلى تعزيز حصر أية تنمية فلسطينية، حيث شددت الخناق على خطوط الاتصال وجردت المواطنين الأصليين من مصادرهم الطبيعية.